عندما كشفت شركة تبادل العملات الرقمية Coincheck عن كيفية تعرضها لسرقة 530$ مليون من العملات الرقمية من قبل المخترقين، أوضحت أن جزءًا من المشكلة كان خارجًا عن سيطرتها، وهو نقص مهندسي البرمجيات في اليابان.

كما صرحت Coincheck أنه بغض النظر عن كم المحاولات التي قامت بها، فهي ببساطة لم تتمكن من إيجاد موظفين ذوي مهارات تكفي لسد الثغرات الأمنية، وفق ما ذكر موقع theborneopost.

وصرح المدير التنفيذي Koichiro Wada في الشهر الماضي بأنه “كنا ندرك أننا لا نملك ما يكفي من الأشخاص الذين يعملون في مجال التدقيق الداخلي والإدارة ومخاطر النظام”، وأضاف “لقد عملنا بجهد للتوسع، عن طريق اللجوء إلى شركات التوظيف والوكالات، ولكن هكذا كانت نهاية المطاف”

وشركة Coincheck ليست الوحيدة التي تُعاني من تلك المشكلة، فإن شركات العملات الرقمية المزدهرة في جميع أنحاء اليابان تسعى لتوظيف مهندسين، بما في ذلك خبراء الأمن الإلكتروني، و متخصصي تقنية البلوكتشين، التي تستند عليها العملات الرقمية.

ويحث المنظمون الماليون منصات التبادل على تشديد الأمن بعد حادثة سرقة Coincheck، حتى مع محاولة مجموعة من الشركات دخول سوق العملات الرقمية المزدهر.

وأوضح الخبراء أن هذا النقص قد يحد من القدرة التنافسية لسوق تبادل العملات الرقمية الياباني، في الوقت الذي ينضج فيه سوق العملات الرقمية، و يمكن أن يُعرض السوق لمزيد من السرقات.

 

نمو سريع

وقال Alexander Jenner، باحث الموارد البشرية/headhunter بشركة Computer Futures بطوكيو أنه “يمكن أن يتسبب هذا النقص في توقف كل شيء؛ هذا القطاع يشهد نموًا سريعًا، وستتمكن منصات التبادل الأفضل وحدها من البقاء، ولكن الكثير منهم سيفشلون إذا لم يقوموا بسد عجز العمالة”.

وأوضح مسئول كبير بوكالة الخدمات المالية لرويترز بأنه يوجد 32 منصة تبادل تعمل حالياً في اليابان، و نحو 100 شركة أخرى قد تقدمت لمراقبي القطاع بطلب الحصول على ترخيص.

ويُعد الطلب مرتفع بشكل خاص على المهندسين ذوي المهارات التي تسهم في نمو الشركات، بدءًا من تصميم واجهات مستخدم سهلة الاستخدام إلى كتابة الأكواد البرمجية لعمليات سحب العملات الرقمية، فضلاً عن الخبرة الأمنية اللازمة لتعزيز أمن وحماية المستهلك.

وأوضح Mike Kayamori، الرئيس التنفيذي لشركة Quoine  لتبادلات العملات الرقمية بأن “هيئة الخدمات المالية FSA  تدقق بشدة في أمور الأمان والالتزام والمخاطر، وإذا لم توظف الشركات عمالة كافية من المهندسين، فلن تتمكن من الصمود”.

ولا تقوم اليابان بجمع بيانات حول مهندسي البلوكتشين أو مهندسي البرمجيات، على الرغم من وجود حاجة لأكثر من 15 ألف عامل بعام 2016 في مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، التي تعتمد على مهندسي البرمجيات، وفقاً لوزارة الاقتصاد و التجارة و الصناعة، وتتوقع الوزارة أن يرتفع هذا الرقم إلي 50 ألف بحلول عام 2020.  

ويقول الباحثون عن الموظفين، في مجال العملات الرقمية و البلوكتشين، أن المعروض من العمالة حاليًا، لا يمكنه مواكبة الطلب. وقال Descartes Search مدير شركة Pascal Hideki Hamonic أن التوظيف في هذا القطاع استحوذ على ما يقرب من ستة من كل عشرة مواضع في البحث في مجال التكنولوجيا و المعلومات في شركته حتى شهر مارس، بزيادة تصل إلى 15% عن العام السابق.

وقد أخبرنا اثنان من الباحثين عن الموظفين، أن السوق مستعد لدفع الكثير من الأموال، فهم يعرضون زيادة الرواتب وتقديم مكافآت مضمونة، لجذب مهندسي الشركات الأخرى.

وأضافوا أن الراتب الأساسي قد ارتفع نحو 20 إلى 30 في المئة عن العام الماضي، وهو ما يعني رفع رواتب المهندسين ذوي خبرة  خمس سنوات إلى 11 مليون ين ( 102720 دولار).

وقال Mark Pink، منشئ موقع topmoneyjobs.com “أن السوق في حاجة إلى أشخاص بإمكانهم العمل بطريقة إبداعية، لإنشاء البنية، وليس فقط لإنجاز المهام الأساسية”.

وأحد هؤلاء المهندسين المبدعين هو Ryo Fukuda، البالغ من العمر 21 عاماً، الذي علّم نفسه البرمجة عبر فيديوهات الـ YouTube، و قد انضم Fukuda  إلى شركة Next Currency في يوليو/ تموز الماضي، وهي وحدة تعمل على تقديم محتوى عبر الإنترنت و شركة مالية DMM.com التي تسعى للحصول على رخصة تبادل العملات الرقمية.

 

نقص في المهندسين

وأخبر Fukuda  وكالة رويترز “لم أكن أفعل شيئًا سوى العمل على العملات الرقمية ومشاريعي الخاصة، لذلك قد تمكنت من اكتساب الخبرة التي لم يستطع مهندسون وشركات أخرى الحصول عليها، و حالياً يشهد السوق نمو كبير، و مع وجود نقص في المهندسين، أدي هذا لرفع قيمتي في السوق”.

و أضاف أنه قد حصل على “عدد كبير من عروض العمل” قبل أن يختار العمل بشركة Next Currency كمطور تطبيقات الويب.

ومن المؤكد أن اليابان ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من نقص العمال أمثال Fukuda.

ويقول القريبون من الصناعة، أن الطلب مرتفع في جميع أنحاء العالم، حيث اتحد سوق التبادلات مع الشركات المالية لتعيين مهندسين مهره.

وقال Lawrence Ma، رئيس جمعية هونج كونج للبلوكتشين، أنه في هونج كونج على سبيل المثال، تبحث مجموعة ضخمة من البنوك وشركات التأمين عن كيفية تطبيق تقنية البلوكتشين في أعمالهم.

لكن العوامل البنيوية  في أماكن أخرى ساعدت سوق التبادل على تأمين المواهب التي يحتاجون إليها.

وفي بريطانيا، قالت الشركات التى على صلة بالعملات الرقمية، إن قطاعًا بحثيًا قويًا ينتج عددًا كافيًا من المتخصصين في مجالات ترتكز عليها لتقنية البلوكتشين، مثل التشفير، إلى جانب وفرة العمال الدوليين .

وقال Nick Gregory، الرئيس التنفيذي لشركة البلوكتشين Commerceblock التي تتخذ من لندن مقراً لها، “تتمتع المملكة المتحدة ببيئة جيدة للبحث، لذا استطعنا إيجاد الأشخاص الذين نريدهم من الجامعات”.

وقال Jonathan Underwood من منصة تبادل العملات الرقمية في طوكيو Bitbank Inc “أن مراكز رئيسية أخرى للعملات الرقمية مثل سان فرانسيسكو ونيويورك تمكنت من توظيف أعداد كبيرة من المهندسين على دراية جيدة بالبلوكتشين”.

تُعد الأمور معقدة في اليابان لأنها سوق عمل جامد ثقافيًا، حيث تعتبر تغيير مجال العمل في منتصفه أمرًا نادرًا، حسبما قال أصحاب الأعمال ومنصات التبادل.

وأضاف Underwood، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس شركة Blockchain Daigakko  -وهي شركة تعمل على تدريب المهندسين – “إن غالبية اليابانيين الذين يفهمون البلوكتشين والعملات الرقمية يعملون بالفعل في الشركات بعقود ممتدة مدى الحياة، ولم يفكروا أبداً في تغيير وظائفهم”.

ويقول أصحاب الأعمال أنه حتى تحدث تغيرات، فإن أزمة المهارات سوف تتعمق على الأرجح.

وقال Jenner من Computer Futures أنه “سيزداد الأمر سوءًا قبل أن يتجه الوضع للتحسن” وأضاف “أنها صراع على سيطرة المناطق – ومن سيصعد في العام المقبل سيفوز بالسوق” – نقلًا عن رويترز.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.