تستحق القارة الأفريقية أن يكون لها العملة الرقمية الخاصة بها، وذلك مثلما جاء على لسان خبراء في العملة الرقمية، بعد الإعلان عن اقتراب موعد إطلاق عملة رقمية تركز فقط على قارة أفريقيا.

ووفق ما ذكر موقع itweb، تقوم شركة ترايبيس هولدينغ Trapeace Holdings، التي تتخذ من جوهانسبرج مقراً لها، بتطوير عملةٍ رقميةٍ تركز على أفريقيا، وتأمل في أن تكون هذه العملة قادرةً على منافسة العملات البارزة في هذا المجال، على غرار البيتكوين.

وبحسب شركة ترايبيس rapeace Holdings“، ستكون العملة الرقمية، التي تحمل اسم “أفريكا ماستر كوين”، متاحة للاستخدام بصفةٍ حصريةٍ في أفريقيا، وسوف تساعد على تعزيز الاستثمار الأجنبي وجعله أكثر كفاءة، فضلا عن أنها ستجعل المبادلات التجارية أكثر سرعة وسهولة داخل القارة السمراء.

وصرح مدير  شركة ترايبيس هولدينغ Trapeace Holdings، جورج غوردون، لموقع آي تي ويب itweb، أن “تطوير العملة الرقمية ووضعها في صيغتها النهائية لا زال جاريا. كما أنها ستكون جاهزة للإطلاق في وقت لاحق من هذه السنة، وتقريبا خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول. مع ذلك، بدأ العمل على تطوير هذه العملة منذ أكثر من سنة”.

 

عمليات الدفع عبر الحدود

ينحدر غوردون من أصول أوروبية، وقد سافر إلى جنوب أفريقيا منذ سنة 1997، وتحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والتسويق ودرجة الشرف في الاقتصاد المالي. وتعمل شركة “ترايبيس” في العديد من المجالات الصناعية؛ من قبيل تقديم الخدمات في مجال إنفاذ قوانين المرور، والتكنولوجيا، والطب، والهندسة.

وقد أشار غوردون إلى أن “العديد من الشركات الأفريقية تنشط عبر الحدود داخل القارة، غير أن عملية سداد المدفوعات للموردين تعد مرهقة. وبالتالي، ستعمل العملة الرقمية الأفريقية بشكل كبير على تحسين عمليات الدفع عبر الحدود بين البلدان الأفريقية. ونحن نهدف من خلال ذلك إلى جعل عملة “أفريكا ماستر كوين” سهلة الحصول عليها وقابلة للاستخدام، قدر الإمكان”.

وأضاف غوردون أن “أفريكا ماستر كوين” يمكن أن تساعد في معالجة المشاكل التي تعيشها البلدان الأفريقية عن طريق خلق فرصٍ فريدةٍ لأولئك الذين لديهم احتياطياتٌ نقديةٌ منخفضة”. وأردف غوردون أن “زيمبابوي، على سبيل المثال، تمتلك احتياطياتٍ نقديةٍ منخفضة. لذلك، يمكن أن تساعد العملة الرقمية الحكومة الزيمبابوية على معالجة هذه المسألة. أما بالنسبة للمواطنين في زيمبابوي، فستحميهم هذه العملة من التضخم المفرط، والعملات المحلية المتقلبة، وانعدام الاستقرار المالي،  فضلا عن أن إعلان رئيس زيمبابوي عن دعمه للعملات الرقمية سيكون له تأثيرٌ إيجابي”.

وأوضح غوردون أن عملة “أفريكا ماستر كوين” سوف تقوم بإصدار قطعٍ نقديةٍ رمزيةٍ، يتم ضبط قيمتها بما يتناسب مع قيمة العملات المحلية في كل بلد إفريقي. وعلى سبيل المثال، ستكون العملة الرقمية الخاصة بجنوب أفريقيا مرتبطة بعملة راند. وإذا كانت 10 قطع من “أفريكا ماستر كوين” تساوي 1 راند جنوب أفريقي، فستظل هذه المعادلة دائما هي المرجع لضبط قيمة العملة في هذا البلد. وتقول الشركة إن مطوري هذه العملة سوف يقدمون ضمانات متعلقة بإعادة الشراء لتجار التجزئة، حتى يقبلوا التعامل بهذه العملة في محلاتهم.

ولدى سؤاله حول الكيفية التي ستنافس بها هذه العملة الرقمية عملات أخرى مثل البيتكوين، قال غوردن: “نحن نعتقد أن إرساء هذه العملة في أفريقيا ودخولها حيز الاستخدام هو أمر صعب، والشيء ذاته ينطبق على تغلغل العملات الرقمية في الأسواق الأفريقية”.

 

أمر يستحق العناء

في حديث له مع موقع “آي تي ويب”، ذكر دايفد أوربان، وهو خبير عملاتٍ رقميةٍ يدّعي أنه أول شخص امتلك عملة إيثر عند إطلاقها في سنة 2014، أن هناك احتمالاتٍ وفرصاً كبيرةً بشأن إطلاق عملةٍ رقميةٍ في أفريقيا كما في باقي أنحاء العالم. وسيوفر ذلك الدعم ويؤدي لإنجاح العملات الجديدة القائمة على تكنولوجيا البلوكتشين.

كما أشار أوربان إلى أن “القيمة الجملية لاقتصاديات الدول الأفريقية تستحق فعلا أن يبذل من أجلها هذا الجهد لتطوير عملةٍ رقميةٍ خاصةٍ بها”. مع ذلك، يوصي أوربان بتوخي الحذر الشديد بشكل دائم، والانتباه لبعض المخاطر، وذلك عندما لا يتم إعداد المشروع بكل شفافية، ولا يظهر الأشخاص الذين يدعمونه أنفسهم أو يكشفون عن هوياتهم. كما لا نكون قادرين على الوصول إليهم حتى باستعمال وسائل البحث القوية التي نمتلكها اليوم.

وأضاف أوربان أنه “على الرغم من أن سرية الهوية هي أمر لطالما كان حاضرا في عالم العملة الرقمية منذ البداية (فعلى سبيل المثال، لا تزال هوية مطلق البيتكوين تمثل لغزا غامضا) إلا أنه من المهم جدا للأفراد أن يحصلوا على المعلومات التي يحتاجونها، ويكون لديهم فهم واضح للجوانب التقنية وحظوظ نجاح المشروع، قبل أن يستثمروا فيه أموالهم. وتنطبق هذه القواعد على أي استثمار مهما كان نوعه، سواء في العملة الرقمية أو في بقية القطاعات”.

من جانبه، يدعم الرئيس المدير العام ومؤسس شركة سان إكستشاينج، أبراهام كامبريدج، هذا الموقف أيضا، حيث قال إن القارة الأفريقية يمكن أن تستفيد من العملات الرقمية المصممة خصيصاً لحل مشاكل أسواق معينة، والاستجابة لاحتياجاتها وتحدياتها، على غرار فتح الآفاق أمام التنمية المستدامة. وأوضح كامبريدج أن “الانتقال نحو العملات الرقمية في أفريقيا ليس أمرا لا مفر منه فحسب، بل بدأ في التحقق فعلا”.

مع ذلك، أشار كامبريدج إلى أنه، وفيما يتعلق بوجود عملةٍ رقميةٍ للتجارة العامة والتحويلات المالية في أفريقيا، تمثل البيتكوين العملة الرقمية المستخدمة حاليا في القارة، وهي تستجيب للاحتياجات المتعلقة بضمان الثقة وسهولة الوصول لهذه الخدمة. ولذلك، يؤيد كامبريدج أن التركيز يجب أن ينصب الآن على التشجيع على استخدام البيتكوين بصفة أكبر.

في الأثناء، لا يزال الموقع الإلكتروني لشركة “ترايبيس” قيد الإنشاء، وقد ظهرت بعض المخاوف مما إذا كان حقيقياً أم أنه مجرد خدعة. في هذا الصدد، أفاد أبراهام كامبريدج أنه بات من الرائج أن يبتعد مطورو العملات الرقمية عن الأضواء والشهرة، أو أن يظلوا مجهولي الهوية بشكل كامل، من أجل حماية أنفسهم من التأثيرات السياسية.

ونوه كامبريدج إلى أنه “ما دامت العملة تعتمد على مبدأ المصدر المفتوح، ما يعني أن مستخدميها يمكنهم التثبت من كل شيء وتجربتها وحتى تجزئتها للاستفادة من كل المميزات التقنية فيها، فإن سرية الهوية لا تمثل مشكلة”.

 

عملة رقمية بحكم الأمر الواقع

ولكن رغم كل هذا، يعتقد الرئيس المدير العام ومؤسس شركة “ويلث مايغرت”، سكوت بيكن، أن البيتكوين سوف تكون هي العملة السائدة بحكم الأمر الواقع، ولن تكون هنالك أي قيمةٍ يضيفها إطلاق عملةٍ خاصةٍ بالقارة الأفريقية. وتساؤل بيكن قائلا: “ما هو الفرق بين أفريقيا وآسيا؟ ومثلما يقول أينشتاين ‘لا يمكننا حل مشاكلنا بأسلوب التفكير ذاته الذي تسبب في هذه المشاكل'”.

كما أورد بيكن “أن إطلاق عملةٍ رقميةٍ محليةٍ لمعالجة المشاكل المحلية، يبدو بمثابة استخدام طريقة التفكير ذاتها التي تسببت في ظهور هذه المشاكل. أما الأهم من ذلك فيتمثل في الثقة، والشفافية، وسهولة الحصول على الخدمة، وضمان أن تكون العملة الرقمية عالميةً ومدعومةً من قبل أطراف معروفة لدى الأشخاص وصالحة لاقتناء أشياء من قبيل العقارات”.

ووفقا لما أفاد به بيكن، تعتبر التكنولوجيا ميزةً عظيمةً وستحل التحديات الكبرى في هذا العالم مستقبلاً. ولكن، ليس هناك حلٌ سحري لمعالجة كل المشاكل في وقتٍ واحدٍ، في حين لا تزال الأطر التقليدية للتجارة والأعمال والاستثمار هي نفسها، ولا تزال منطقية ويجب على الناس الاعتماد عليها. وتظل عناصر مثل الدخل، والفريق، وتنفيذ المشروع والشركاء؛ كلها جوانب أساسية لتحقيق النجاح. كما أن الأفكار العظيمة لا قيمة لها من دون التنفيذ الصحيح”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.