إن لم تكن قد سمعت من قبل عن البتكوين، فهذا قد يرجع إلى سببين ، أحدهما هو أنك لا تعطي اهتماماً كبيراً بما يدور حولك، والآخر هو أنك عزيزي القارئ مسافر عبر الزمن وقادم من زمن بعيد لزيارتنا بعام 2018، لأنه من المفترض أن الجميع على دراية بالبتكوين، بل و حتى الكثير منا قد انضم بالفعل إلى قافلة مستثمري العملات الرقمية.
وعلى الرغم من شهرتها الواسعة، فما زال الكثير يجهل ما هي التكنولوجيا التى وُجدت على أساسها “تقنية البلوكتشين”. والبلوكتشين ببساطة شديدة هي عبارة عن سجل للمساهمين، يستطيع أي شخص الوصول إليه، ويحتوي على جميع المعاملات التي تتم بين الأطراف مع السماح لكل الأطراف بالموافقة على المعاملات قبل إتمامها، و عند إضافة معلومات جديدة للسجل، تخزن فى كتل بحيث أنه يجب أن تكون كل كتلة متصلة بالكتل التي تسبقها، فيكون الناتج النهائي كتل متسلسلة.
وتتم مراجعة هذا السجل للتأكد من من مصداقيته من قبل أشخاص نطلق عليهم المُنقّبين “Miners “، وبالتالي إيجاد مسار للمراجعة، و يمكن الوصول إلى المعاملات القديمة، ولكن لا يمكن التعديل عليها بدون موافقة الأغلبية، وبهذا نكون قد شرحنا التقنية التي تقف خلف العملات الرقمية مثل البيتكوين، والتي ارتفعت قيمتها بنسبة تصل إلى 1400 بالمائة السنة الماضية، و هبطت أيضًا بحدة في أوقات أخرى.
العملات الرقمية سوف تصمد
من المؤكد أنه يمكننا التنبؤ بثورة هائلة في عالم الأعمال، تقودها هذه التكنولوجيا المتطورة، ويتم حاليًا تجربة استخدام هذه التكنولوجيا بالفعل على مستوى حكومي، بداية بالسجل العقاري السويدي، ونهاية بشركات الاستشارات المحاسبية الأربعة الكبرى Big Four accountancy firm ، مثل E&Y – التي تقبل عملات البتكوين كمقابل لخدماتها الاستشارية.
هذا بالإضافة إلى أن البورصة الأسترالية للأوراق المالية تأخذ بعين الاعتبار استبدال النظام الحالي للمقاصة والتسوية لتداول الأسهم بتقنية البلوكتشين، كما يخطط بنك انجلترا لطرح عملته الافتراضية على غرار البتكوين.
و من ناحية أخري اعترفت العديد من الحكومات حول العالم بالبتكوين، بالإضافة إلى التصديق على استخدامها كوسيلة للدفع، و يمكننا ذكر العديد من الشركات التي تقبل التعامل بالبيتكوين، فعلي سبيل المثال لا الحصر، شركة ميكروسوفت Microsoft و فيرچان جلاتيك Virgin Galactic و سابواي Subway ، مما يجعلنا على يقين من أن تقنية البلوكتشين لها حضور كبير، و على الرغم من أن الطريق قد يبدو وعرًا وشاق، خاصةً بعد قرارات الحظر التي أقرتها بلاد كالهند و الصين ، إلا أن العملات الرقمية سوف تصمد.
الانتشار على نطاق أوسع
أصدر معهد المحاسبين القانونيين بـ “لندن” و “ويلز” مؤخراً، تقريراً يدعي أن تقنية البلوكتشين هي بالأساس تقنية محاسبية، و ذلك لأن المفهوم البسيط للمحاسبة هي كونها عملية حفظ السجلات، الذي هو بالتحديد ما تقدمه تقنية البلوك تشين بطريقة حديثة و مضمونة خالية من الأخطاء، وعندما يتم الانتهاء من المراجعة و التصديق على السجلات المخزنة، يتم حفظها فى كتل افتراضية، يستحيل تغييرها، مما يجعل هذه التقنية كاشفة لمحاولات العبث بالمعلومات المخزنة.
و حيثما يبدأ عالم الأعمال فى تفعيل الأنظمة الحسابية التي تعتمد على تقنية البلوكتشين، فسوف يقضى المحاسبين وقت أقل في مهمات التسوية و حفظ السجلات المملة، مما سوف يمكنهم من تركيز مجهوداتهم و أوقاتهم على استخراج المعلومات واتخاذ القرارات.
و على صعيد أخر، سوف تسهل تقنية البلوكتشين على المحاسبين عملية قياس صحة البيانات، أي أنها سوف تحد من عمليات التزوير، مع تلاشي الأخطاء الحسابية.
المحاسبين الجدد
نشر المنتدى الاقتصادى العالمي تقريرًا يقترح فيه أن حوالي 10 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالي سوف يكون معتمد على تقنية البلوكتشين، وتطبيقاتها، بحلول عام 2025، ومن هذا يمكننا أن نستنتج أن الطريقة التي يتم بها تسجيل و تداول المعاملات سوف تختلف كلياً عن وقتنا الحالي.
ومن هنا نستطيع أن نفهم لماذا يحتاج المحاسبون أن يعلموا أنفسهم في المستقبل عن البتكوين و العملات الرقمية الأخرى، اذا أرادوا أن يتولوا الأعمال المتعلقة بها، وخلال السنوات القادمة سوف تشهد المهنة تطورات و تغيرات هائلة، و قد بدأ بالفعل المدققون في مراجعة التعاملات من خلال تقنية البلوكتشين.
كما بدأت العديد من الجامعات حول العالم توفير مواد دراسية تتعلق بتقنية البلوكتشين، بالإضافة إلى الهيئات الحسابية المهنية أيضًا، التي تبرز تقنية البلوكتشين بمناهجها التأهيلية الآن.
و على الرغم من أن كل هذا قد يبدو مستقبليًا بعض الشئ لبعض القراء، إلا أن تطور الأموال هو شئ يحدث منذ قرون عديدة، بداية من نظام المقايضة إلى سبائك الذهب، و من العملات( المسكوكات) المعدنية إلى العملات الورقية ثم إلى البطاقات البلاستيكية، و ما نشهده الآن هو ببساطة الدورة التالية فى عملية التطور من الأموال الالكترونية إلى العملات الرقمية.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.