من بين أبرز القضايا الأساسية في الولايات المتحدة، إمكانية شراء أي شخص من العامة للأسلحة بكل سهولة، حتى الأشخاص المحظور عليهم ذلك. من حيث المبدأ، توجد مراقبة من قبل النظام، لكنها لم تحل دون جمع ذلك العدد الكبير من هواة جمع الأسلحة لترسانة خاصة بهم. ففي الغالب، تقع عمليات شراء الأسلحة بصفة شخصية ومن دون ضوابط في العديد من الولايات الأمريكية، حيث يتم شراؤها بسهولة ودون الاستظهار بهوية، خلافا للإجراءات المتبعة عند شراء المشروبات الكحولية.

قامت بعض الشركات سابقاً بمحض إرادتها بفرض قوانين مشددة، إلا أنها لم تأتي أكلها، لذلك يجب اتباع طرق فعالة بشكل أكبر للحد من هذه الظاهرة. وقد اكتشف عدد من السياسيين طريقة للقيام بذلك، إلا أن هناك بعضا من السياسيين يسعون إلى منع تحقيق هذه الفكرة قبل أن يتم إعلانها للعامة.

يتمثل مفهوم شبكة البلوكتشين للأسلحة النارية، في دفتر أستاذ موزع يتميز باللامركزية، يخبرنا بصفة دقيقة عن مكان شراء السلاح الناري وكل المعلومات المتعلقة به. لكن هل ستنجح هذه الفكرة الجريئة أو سيتم حظرها من قبل الموالين لاستعمال الأسلحة؟ وإذا تبين أنها فكرة عظيمة، فهل يمكن أن تساعد في الحد من مشكلة انتشار السلاح غير المرخص في الولايات المتحدة؟

ما هي شبكة البلوكتشين؟

قامت البلوكتشين بتغيير الفكرة السائدة عن التكنولوجيا العادية، في حين عمدت شركات الشاي المثلج والأطراف ممنوحة الامتياز من قبل هووتر إلى استخدامها، على الرغم من كل شيء. وتعد البلوكتشين عبارة عن دفتر الأستاذ الموزع ومفتوح لجميع المعاملات ضمن مجتمع البلوكتشين، حيث يتم حفظ النسخة المتماثلة مع كل “عقدة” يقع استخدامها من قبل ذاك المجتمع.

لفهم ماهية البلوكتشين سنقوم بإتباع هذا التفسير. أولا قم بسحب كل الأوراق النقدية (الدولار) الموجودة داخل جيوبك وسترى الأرقام التسلسلية الموجودة فوقها. وجدت هذه الأرقام التسلسلية لكي يقع استخدامها في رصد موقعها بصفة آلية، كل شخص قام بصرف العملات مقابل الدولار يمكنه ببساطة الدخول إلى موقع الويب الخاص بالبلوكتشين وإدراج الرقم التسلسلي ليرى بدقة المكان الذي من المفترض أن توجد فيه الورقة النقدية.

تقوم الشبكة حينها، بإجراء مسح للورقة النقدية الموجودة بمدينة سان فرانسيسكو لتكشف أنه من المفترض أن تكون في مدينة دي موين لذلك تقوم في الحين برفض المعاملة. يعد ذلك أبسط مثال لتوضيح كيفية عمل البلوكتشين، فكل عملة رقمية لديها مجموعة من العقد، مما يعني أن الأشخاص الذين يقومون بتعدين العملة النقدية، وغيرهم من المستثمرين يحصلون أيضا على نسخة مطابقة عن العقد. عقب ذلك، يقع معالجة المبادلات بصفة دورية لتحديث دفتر السجلات، وإن لم تتطابق دفاتر السجلات مع بعضها على نحو دقيق، لن تكون قادرا على التفاعل مع مجتمع البلوكتشين.

إذا كنت تعتقد أن هذه الفكرة ستكون مفيدة لكل من يرغب في معرفة مكان الأوراق النقدية الأصلي والمكان الذي ذهبت إليه، تأكد أنك لست الوحيد الذي يرغب في معرفة ذلك.

تقترح شركات النقل استعمال البلوكتشين في عمليات بيع السيارات المستعملة، كما تتطلع إلى وقف استخدام المعاملات الورقية من خلالها والحد من ظاهرة التهريب. ففي الواقع، سيقع الاستعانة بالبلوكتشين لتحويل العقود إلى برامج حاسوبية، مما يجعلها أكثر قابلية للتنفيذ. كما ستستخدم في البحث عن “المكان الذي جاءت منه كل هذه الأسلحة إضافة إلى المكان الذي ذهبت إليه”. ويبدو أن هذه الفكرة يمكن تطبيقها بكل سهولة. يتمثل الإشكال الفعلي في أن الحكومة الفيدرالية الأمريكية قد أمضت سنوات عديدة في استخدام أجهزة الكمبيوتر على اعتبارها وسيلة لاكتشاف مكان الأسلحة، لكن تبين أنه أمر يتعذر تحقيقه.

العلاقة بين الحكومة الفيدرالية ومراقبة الأسلحة

مستقبلا، عندما يسترد ضابط الشرطة مسدسا ويعلم من قام بشرائه، ستقوم الشرطة بالاتصال هاتفيا وإعطاء اسم مالك السلاح إلى مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات بمدينة مرتينسبورغ (فيرجينيا الغربية)، الذي يحتفظ بحوالي 300 مليون معلومة في هذا الشأن. ومع ذلك، فقد لا يستطيع المكتب إيجاد معلومات إضافية عن الشخص بمجرد معرفة اسمه عن طريق مكالمة هاتفية. في المقابل، سيتمكن باحثو المكتب من الحصول على معطيات معينة عن مشتريات البائع عبر صفحة الويب عن طريق إتباع مكان الأسلحة سلاحا تلو الآخر إلى أن يعثروا على الشخص الذي يبحثون عنه، الذي سبق وأن بلغت عنه الشرطة.

بالنسبة للسلطات الفيدرالية من الصعب للغاية اكتشاف مكان الأسلحة، وذلك من جميع النواحي. كما يعاني مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات من نقص في التمويل وفي عدد الموظفين. من جهتهم، أكد النقاد أن هذه الفكرة تتطلب دراسة معمقة. ففي وقت ليس ببعيد من الآن، لم يكن بائعو الأسلحة مطالبين بحفظ معلومات تخص مبيعاتهم الإجمالية في أنظمة الحاسوب، وهذا ما يعني أن وسطاء المكتب يجب أن يبحثوا في ضمن الملفات الورقية، العملية التي قد تتطلب أسابيع. قد يخلق هذا الأمر ظروف عمل غريبة قد تدفع سلطات المساءلة في مكان العمل إلى تحرير تقرير دامغ عن أداء مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.

قدمت مجلة “جونز مام” تقريرا تحدثت فيه عن العجز الذي يواجهه مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، من خلال محاولة تطبيق بعض القوانين التي أقرتها. وجاء في هذا التقرير: “يتجلى نجاح المنتقدين في إبراز محدودية سلطة المكتب من خلال القانون الأساسي للمكتب في حد ذاته. ويتألف القانون الأساسي للمكتب من صفحتين، يخصص فيها 11 فصلا لوصف الموارد المالية للشركة، أما 76 فصلا المتبقية فهي مخصصة لقرارات الحظر على صلاحياتها. وتبين الملحقات مختلف عمليات الالتفاف على التشريعات التي أقرها المكتب بشأن استيراد وشراء الأسلحة”.

بناء على ذلك، يتجلى الجانب السلبي الأساسي لهذه المبادرة، حيث يوجد مجموعة من الضباط المرشحين الذين على الأرجح ضد أبسط استخدامات التكنولوجيا في حفظ البيانات. وبالنسبة لإجمالي المبيعات الشخصية التي يمكن إتمامها حتى على الفيسبوك، تطالب أربع ولايات فقط رجال المبيعات بالإلتزام بحفظ أي نوع من التقارير.

تسبب فكرة إطلاق بلوكتشين خاصة بالأسلحة في خلق حالة قلق للعديد من المشرعين، خاصة في الولايات التي تدعم حمل الأسلحة بشكل غير مسبوق. قد يدفع هذا الأمر المشرعين القانونيين في ولايتي ميزوري وأريزونا إلى العمل منذ الآن على منع بوادر مشروع البلوكتشين الذي من شأنه أن يقوم بتنظيم تجارة الأسلحة ،على الرغم أن هذه البرامج لا تزال في الطور النظري لا غير.

قد تتغير الأوضاع، حيث من المرجح أن يتقاعد المشرعون، كما يمكن إعادة صياغة الأطر القانونية، في حين قد يصبح مالكي الأسلحة أو على الأقل عائلاتهم من المؤيدين لقوانين مراقبة الأسلحة. لذلك، لنضع كل العقبات جانباً، ونفترض أن التشريعات الفيدرالية ستتبنى هذه التقنية الصاعدة، إلا أن هناك بعض الأسئلة اللوجستية ستبقى قائمة.

كيف ستكون تقنية البلوكتشين الخاصة بالأسلحة؟

يعتبر إنشاء منصة بلوكتشين خاصة بالأسلحة النارية مسألة تتعلق بشكل كبير بالبنية التحتية، لأنها ببساطة تعتمد على تشكيل المجتمع ككل. هل سنلزم كل حامل للسلاح بامتلاك جهاز حاسوب في منزله؟ أم هل سنقوم بوضع بطاقات صغيرة على كل مسدس؟ أم أننا سنجعلها حكرا على البائعين المرخص لهم من قبل الحكومة ونطالب بإدارة إجمالي المبيعات الشخصية من قبل مورد واحد؟ فمن سيقوم بدفع الثمن؟ وما هي العقوبات المفروضة على من لا يلتزم بهذه المنظومة؟

يمكن لمالكي الأسلحة أصحاب المنازل التسجيل في البلوكتشين، على اعتبارها سوقا بديلة لشراء أي سلاح، الذي يتطلب ترخيصا لتسجيله على البلوكتشين تحت سند ملكية فردية ورخصة. في الوقت ذاته، يثير ذلك تساؤلات شخصية حول جانب الخصوصية وكيفية تسجيل الدخول. في حالة رغبت في الحصول على ترخيص حمل سلاح من قبل الحكومة، سيتم تسجيل أي سلاح تقوم بشرائه على البلوكتشين  تحت تلك الرخصة، لذلك من المتوقع أن يطرح أصحاب الأسلحة تساؤلات حول من يمكنه الوصول الى هذه المعلومات ولماذا.

بالإضافة إلى ذلك، توجد صعوبة كبيرة في تسجيل كل سلاح في الولايات المتحدة الأمريكية على حدا على منصة البلوكتشين، الشيء الذي تهدف إليه هذه الخطوة بالأساس، علماً وأن هناك 300 مليون سلاح في الولايات المتحدة، يستوجب إضافتها جميعاً على المنصة. أو ربما لا! فهل تدخل الأسلحة التي يتم جمعها من قبل هواة جمع الأسلحة ضمن هذا الإطار؟ وماذا عن الأسلحة الأثرية؟ والنماذج المقلدة للأسلحة القديمة؟ والأسلحة المعطلة ومكوناتها؟

تتجلى هنا أكبر الجوانب السلبية. ففي حين قد تساعد المنصة في تطبيق القوانين، إلا أنه في حال سرقة سلاح أو إقراضه لصديق، أو أخذه من مالكه الأصلي بأي طريقة كانت، لن يتمكن أي نظام معلوماتي من استعادته. وحتى الآن، لا يوجد أي دليل ملموس يشير إلى أن تقنية البلوكتشين ستقلص من عدد الضحايا. في الغالب، يكون مطلقي النار بشكل عشوائي عرضة للسجن أو حتى القتل.

يجب على المرء أن يتساءل، إذا كنا سنكرس كل هذا الوقت والموارد المالية، فلماذا لا نكتفي بتحديث بيانات الأسلحة الموجودة حالياً أولاً، ثم تطويرها لترقى إلى مستوى عال من الجودة؟

ببساطة، يمكن أن تسرع القدرة على البحث عن سلاح ناري بالاستعانة بسند الملكية، أو رقم التسلسل أو غيرها من الطرق إلى حد كبير في طريقة التحقق من سجل السلاح الحالي. لا يعني ذلك أن اعتماد تقنية البلوكشين في تنظيم الأسلحة تعد فكرة سيئة، حيث توجد منصة بلوكتشين خاصة بالحشيش، على الرغم من أنه محظور اجتماعياً وقانونياً.

من السهل التنبؤ بتأييد الأوساط السياسية، أو معارضتهم على حد السواء لهذا الأمر، الذي لا يزال مجرد فكرة، في الوقت الذي يمكن أن تحقق تجارب أخرى أقل تعقيداً السبق في هذا الصدد. عموماً، هناك مجموعة متنوعة من الأساليب التي يمكن من خلالها مراقبة الأسلحة، ويمكن للبلوكتشين (في نهاية الأمر) أن تكون جزءا منها. في الأثناء، ستكون البلوكتشين مجرد جزء من منظومة أكثر تعقيداً لمراقبة الأسلحة ومنعها من الوقوع في أياد غير مسؤولة، وهذا هو المسار الذي يجب اتباعه من هنا فصاعداً.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.