وفقًا لدراسة حديثة نشرها معهد هاسو بلاتنر (HPI)، تحاط تقنية البلوكتشين حاليا بالكثير من التوقعات المبالغ فيها.
وأشار علماء تكنولوجيا المعلومات في بحثهم، الذي حمل عنوان “البلوكتشين: مبالغة أم ابتكار؟”، إلى عدم وجود مواصفات موحدة للتقنية، فضلا عن عدم الترابط بين أنظمة البلوكتشين المختلفة.
وحسب ما توصل له البحث الشامل، كان الهدف منذ البداية متمثلا في تطوير نظام جديد للدفع في المعاملات الرقمية باستخدام عملة بيتكوين، والتي من شأنها أن تحدث ثورة في عالم الاقتصاد، وعلى مستوى المجتمع بأسره، وفق ما ذكر موقع آي تي ديلي.
وقال مدير معهد “هاسو بلاتنر” وأحد المشاركين في الدراسة، الدكتور كريستوف ماينيل، إنه “على الرغم من أن تقنية البلوكتشين كانت حديث الساعة طوال عشر سنوات تقريبا، إلا أنه يوجد عدد قليل فقط من الذين يفهمونها”.
ويرجع ذلك إلى أن بعض أنظمة البلوكتشين كانت شبيهة بحيل القراصنة، التي يستخدمونها لإجراء معاملات غير قانونية في الجزء المظلم من شبكة الانترنت، المسمى “دارك نت “.
وأضاف ماينيل: “يبالغ الكثيرون في استخدام التقنية، على غرار الاندفاع على شراء سلاح جديد متعدد الاستخدامات”.
ويؤكد ماينيل أن “التقنية لا تزال في بداياتها، وتحتاج إلى المزيد من الوقت كي تنمو وتتطور عن طريق إضافة المزيد من التطبيقات إليها. وسيسمح ذلك بإمكانية استخدامها “استخداما صحيحا””.
الاندفاع في استخدام تقنية معقدة
وعمدت الدراسة العلمية التي أجراها المعهد إلى تقييم التقنية بشكل واقعي، ومن وجهة نظر محايدة ومستقلة مبنية على الإمكانيات والقيود.
وبعد ذلك، فسرت كيفية تمكن هذه التقنية الغامضة من ربط مجموعة من العناصر الموجودة ببعضها البعض، على غرار الشبكات اللامركزية والتشفير ونظام الإجماع.
ثم عرض الباحثون بالتفصيل طريقة عمل ثلاثة أنظمة مهمة للغاية، تم إنشاؤها داخل تقنية البلوكتشين: وهي بيتكوين، وإيثريوم، وهايبر ليدجر.
وشدد ماينيل على أنه “من بين الأنظمة الثلاثة، استطاعت العملة الرقمية، بيتكوين، التطور بسرعة كبيرة لتصبح النظام الأكثر قوة وأمانا في البلوكتشين”.
وبعد مجموعة من الحسابات الصعبة، اتضح أن عملية انتاج هذه العملة تحتاج إلى الكثير من التيار الكهربي، حيث أن التيار الكهربي اللازم لتشغيل الحواسيب في يوم واحد يضاهي استهلاك 12 ألف منزل في ألمانيا لمدة سنة كاملة، مع العلم أن المنزل الواحد مكوّن من أربعة أشخاص.
علاوة على ذلك، تعد قيمة العملة الرقمية متذبذبة بصورة كبيرة، ما يجعل المخاوف تحوم حولها.
إمكانية تعرض البلوكتشين لهجمات إلكترونية
وشرح العلماء في دراستهم بالتفصيل طريقة تعرض تقنية البلوكتشين لهجمات إلكترونية.
كما أوضحوا الطريقة التي يحاول من خلالها القراصنة تتبع المعاملات التي تجري باستخدام التقنية، وأساليبهم في كشف المفتاح السري لكل معاملة.
وأكد ماينيل أنه “يتم تطوير كل نظام بلوكتشين جديد من خلال إجراء تعديلات على الأنظمة السابقة باستخدام تقنية البرمجيات الحالية، التي ستظهر فيها بعض الثغرات، والتي قد يستغلها قراصنة الإنترنت”.
كما تشرح الدراسة التي أجراها معهد “هاسو بلاتنر” بشكل مفصل متطلبات استخدام تقنية البلوكتشين بصورة صحيحة، وتحدد الخيارات المختلفة لتطبيقها بصورة ناجحة.
ويعتقد العلماء أنه مع التطور المستمر لتقنية البلوكتشين ستكون قادرة على إبرام وتوثيق العقود متعددة الأطراف، مرتكزة على بنيتها اللامركزية الموثوق فيها، والقابلة للبرمجة في الوقت ذاته، بالإضافة إلى عملتها الرقمية.
ويقول مدير المعهد: “سيزداد عدد العقود الذكية بصورة مطردة، وسيتم التعامل معها من خلال إجراءات تلقائية محددة، بناء على القاعدة الشرطية المعروفة “إذا .. إذن ..”.
وعلى سبيل المثال، إذا رغب شخص ما في استئجار شقة، وقام بالفعل بتحويل قيمة إيجار الشهر الأول لصاحب الشقة، وحان تاريخ استلام الشقة؛ إذن سيحصل هذا الشخص على مفتاح رقمي يستطيع من خلاله فتح القفل الإلكتروني الموجود على باب الشقة، دون الحاجة إلى وسيط.
مجالات تطبيق أخرى واعدة
واستعرض الباحثون في معهد هاسو بلاتنر في دراستهم مجالات تطبيق أخرى واعدة من الممكن أن تعتمد على تقنية البلوكتشين.
وإلى جانب استئجار الشقق والسيارات والدراجات، يمكن استخدام تقنية البلوكتشين في تجارة الأعمال الفنية، وأنظمة التصويت في الانتخابات، وإدارة البيانات الصحية.
كما يمكن الاستفادة من تقنية البلوكتشين في إدارة الهويات الرقمية، وتبادل آمن للبيانات من خلال إنترنت الأشياء، وتجارة الطاقة المتجددة المصنعة، وزيادة فاعلية سلاسل التوريد.
ويؤكد عالم تكنولوجيا المعلومات ماينيل، أن “العديد من الشركات ترغب في تطبيق تقنية البلوكتشين. لكن، ينصح معهد هاسو بلاتنر بتحديد هدف معقول لتطبيقها، والذي من شأنه أن يؤدي إلى معدل مناسب للمنفعة والتكلفة”.
وحسب تصريحاته فإن “العديد من المشاريع التي تعتمد على تقنية البلوكتشين، فشلت خلال سنتين من إنشائها”.
كما عبر ماينيل عن أمله في مشاركة العديد من الشركات الكبرى والناشئة لتحسين تقنية البلوكتشين وتطوير معاييرها.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.