أظهر الإختراق الذي قامت به كامبريدج أناليتيكا، مخاطر تسريب معلومات شخصية حساسة على الإنترنت. ولكن هناك طريقة لتجنب الوقوع في مثل هذه المواقف، طبقاً لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.

أثارت فضيحة كامبريدج أناليتيكا بعض التساؤلات المهمة حول نزاهة الديمقراطيات في عصر المعلوماتية. انطلاقاً من ترامب ووصولاً إلى انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، تستدعي الحيل القذرة التي اعتمدها كبار المديرين في كامبريدج أناليتيكا القلق إزاء مدى شفافية الانتخابات المنتظرة في كل مكان.

وتدعو هذه الحادثة إلى القلق بشكل خاص، نظراً لأنها استهدفت البيانات على وجه التحديد. في الواقع، نحن ننشئ قدرا كبيرا من البيانات بشكل يومي، وذلك في كل مرة نقوم فيها بفتح نافذة متصفح أو عملية دفع عن بعد، وذلك بصفة تلقائية ودون أي تفكير. وقد برهنت حادثة الاختراق عن طريق كامبريدج أناليتيكا القوة التي تحملها هذه البيانات في حال فقدنا السيطرة عليها.

 

هل تمثل تقنية البلوكتشين الحل أم أنها مجرد نوع من الدعاية؟

لم تكن شركة فيسبوك الوحيدة التي تعرضت لعملية اختراق كبيرة خلال السنوات الأخيرة. فقد وقع الكشف في شهر سبتمبر / أيلول عن سرقة معلومات حساسة، على غرار عناوين المنازل وأرقام الضمان الاجتماعي الخاصة بما يقارب هم 143 مليون أمريكي و44 مليون بريطاني وذلك من شركة التصنيف الائتماني إكويفاكس. ولعل المريب في الأمر أن العديد من المتضررين لم يكونوا على علم بأن الشركة كانت تحتفظ بتلك المعلومات بالأساس.

من الواضح أن الوقت قد حان لإعادة التفكير وبشكل جذري في البيانات التي نقوم بتكوينها والإجراءات التي تنظم كيفية جمعها والحفاظ عليها. وفي هذا الصدد، عمد الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة لمعالجة هذه المسائل من خلال إصدار اللائحة العامة لحماية البيانات، التي تضم مجموعة من القوانين تنص على كيفية تعامل الشركات مع المعلومات الشخصية. 

وعلى الرغم من أثرها الهام على أساليب جمع البيانات، حتى على مستوى أصغر الشركات في أوروبا، إلا أن هذه القوانين، وحتى تثبت نجاعتها، تتطلب تغييرا شاملا في نمط التفكير المطلوب لحماية خصوصيتنا، أو حتى نزاهة الانتخابات في المستقبل.

ويعد تسريب بياناتنا الشخصية الخطر الأكبر الذي يهدد حياتنا الشخصية. فقط فكر في عدد المرات التي قمت فيها بإدخال عنوانك الشخصي، والرقم السري لبطاقتك المصرفية بالإضافة الى اللقب العائلي لوالدتك قبل الزواج على موقع إلكتروني. ومما لا شك فيه أنه من المستحيل أن تفصح عن مثل هذه المعلومات في متجر تقليدي، إلا أننا نقوم بذلك من دون تفكير على الإنترنت. إذا، كيف يمكن استعادة السيطرة على هذا الكم الهائل من المعلومات؟

تعتبر تقنية البلوكتشين أحد أنجع الحلول للقضاء على مشكلة تسريب البيانات الواسعة، إذ أن البلوكتشين عبارة عن نظم دفتر أستاذ موزع، حيث لا يتم تخزين المعلومات في قاعدة بيانات مركزية واحدة بل في عدد لا متناهي من الأماكن. ويقوم البلوكتشين بتخزين سجلات غير قابلة للتغيير يقع توزيعها فيما يعد على المستخدمين، في حين أن لكل منهم مفتاح تشفير خاص به.

تتيح هذه التقنية لنا الفرصة لتخزين معلوماتنا على دفتر أستاذ لامركزي دون وجود أي مجال للأخطاء، عوضاً عن وضعها في متناول كل متجر أو منصة تفاعل على الإنترنت. في حال استعنا بهذه التقنية في نظم ومنصات الدفع الموجودة حالياً ودمجها بخاصيات نظم الأمن البيومترية على هواتفنا وألواحنا الذكية، سنتمكن بذلك من السيطرة بشكل أكبر على نوع المعلومات التي نود مشاركتها والأشخاص المعنيين. بالإضافة إلى ذلك، سنتمكن من التخلي عن كلمات السر في الوقت نفسه. لكن عامل الخصوصية لا يزال يمثل مشكلة كبيرة في تطبيق تقنية البلوكتشين بهذه الطريقة.

ويبقى السؤال المطروح: كيف لبياناتنا أن تكون سرية في حين أنها مخزنة في كل مكان؟ يعمل باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على معالجة هذه المسألة من خلال مشروع إنيغما، وهو بروتوكول يتولى إدارة أنظمة البلوكتشين القائمة.

ويعد مشروع إينغما “بعقود سرية” عكس تلك الموجودة حالياً والمعروفة “بالعقود الذكية”، بالاعتماد على عُقد على البلوكتشين قادرة على حوسبة البيانات دون “الإطلاع” عليها. وقد صرح الباحثون أن هذا الأمر من شأنه أن يسمح للمستخدمين باحتواء بياناتهم الشخصية، وخاصة عبر منع تحويلها إلى مصدر للكسب أو تحليلها من قبل منصات التبادل الإلكترونية.

كما يزعم الباحثون أن هذا المشروع له القدرة على إرساء نظام إقراض جديد يخول للمقترضين المحتملين إثبات حقيقة أنهم جديرون بالثقة دون الحاجة إلى منح الجهات المقرضة القدرة على الوصول إلى بياناتهم الشخصية.

وقع تبني تقنيات البلوكتشين على المستويين، المحلي والعالمي. وقد قامت إستونيا التي برزت على اعتبارها واحدة من أكثر الأنظمة الاقتصادية تقدماً والأولى رقمياً، بتحويل بيانات مواطنيها تدريجياً على نظم دفتر أستاذ موزعة.

بالإضافة إلى ذلك، تنظر سنغافورة في إمكانية اعتماد نظام البلوكتشين حتى تمكن مواطنيها من التفاعل مع الخدمات الحكومية بسلاسة. في الأثناء، لا تزال الجهود متواصلة لتطبيق تكنولوجيا البلوكتشين في المعاملات الحقيقية عوضاً عن احتكارها في عالم العملات الرقمية فقط، خاصة فيما بالسرية والتخزين.

أثبتت كامبريدج أناليتيكا وفيسبوك بالإضافة الى شركة إكويفاكس أن الطرق المعتمدة في إدارة بياناتنا غير ناجعة بما فيه الكفاية. لكن تكنولوجيا البلوكتشين ستمكننا أخيراً من حل هذه المشكلة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.