تتبع تكنولوجيا الحواسيب نسقاً سريعاً للغاية، إذ أصبحت المسائل التي بدت لنا وكأنها خيال علمي خلال السنوات الفارطة، أمراً شائعاً في وقتنا الحالي. ويعتبر الواقع المعاش أمراً محيراً للغاية.
لكن برنامج اكسبلوراديو – Exploradio، الذي تبثه إذاعة جامعة كينت الأمريكية، ارتأى إلى إيضاح بعض الجوانب من خلال الحديث عن بعض المعلومات حول تقنية كمبيوتر جديدة تتواصل فيما بينها من سطح المكتب، وصولاً إلى الفضاء السحيق.
البداية من البيتكوين
لنعتمد بيتكوين كبداية، إذ خلقت هذه العملة الرقمية فقاعة المضاربة بالعملات الرقمية في السنوات الأخيرة، من خلال تضاعف سعرها من 800 دولار ليصل إلى 18 ألف دولار. لكن، يتم تداول هذه العملة الرقمية بحوالي نصف هذه القيمة، في الوقت الحالي. ولا يمكننا اعتبار البيتكوين استثناء، حيث أن هذه العملة أصبحت متاحة بفضل تكنولوجيا البلوكتشين، على غرار نظائرها من مئات العملات الرقمية الأخرى.
يعمد المحرر لوكاس ميريان، في تقاريره التي تتخذ من البلوكتشين موضوعا لها، والتي ينشرها في مجلة “كومبيوتر وورلد” التجارية، إلى تعريف البلوكتشين على أنه “دفتر أستاذ موزع يتم تحديثه واعتماده بمثابة وحدة تخزين من قبل جميع الحواسيب في شبكة التداول”. وصرح حيال هذا الشأن أن: “الشبكة تعمل مثل هذا السجل غير القابل للتعديل، لأن كل عملية إدخال بيانات تحتوي على مجموعة من الأرقام العشوائية المرتبطة بها. ويعرف هذا التمشي بالتشويش وفق لغة تكنولوجيا الكمبيوتر. ويتم تجميع إدخال البيانات الموجودة على الشبكة، بشكل جماعي في شكل سلسلة من الكتل المتصلة”. وهذا هو أصل تسمية “بلوكتشين”.
ونظراً لتشارك جميع الحواسيب المتصلة في الشبكة نسخة واحدة من البلوكتشين، فإنه لا يوجد أي طريقة تسمح بتزييف أي معاملة، دون أن يتفطن أي أحد إلى ذلك. وعموماً، هذا هو النظام الذي يجعل هذه التقنية آمنة. وأضاف ميريان أن “تكنولوجيا البلوكتشين لا تزال معروفة باستعمالها في مجال عملات البيتكوين. لكن لم يمنع هذا الجانب الشركات والمؤسسات، والحكومات في بعض الأحيان، من النظر في احتمال اعتماد هذه التكنولوجيا وجعلها وسيلة لتأمين نقل البيانات بين أنظمة الكمبيوتر. وعلى هذا النحو، ستساهم هذه التقنية في تسريع أتمتة التجارة. وإن لم يكن ذلك كافيا، فإنها تتجه صوب الفضاء السحيق”.
اتصالات الفضاء السحيق
تستخدم وكالة ناسا تكنولوجيا البلوكتشين للمساعدات على بناء شبكات حواسيب ذكية في الفضاء السحيق، بعيداً عن محور الحاسوب المركزي. ويشرع ريغو روشي، المهندس في مركز أبحاث غلين التابع لناسا في كليفلاند، في إنشاء طرق جديدة تتيح لهذه المركبات التواصل فيما بينها، فضلا عن تعلم كيفية التفكير.
سبق لروشي التصريح بأنه: “إذا ما واجهت هذه المركبات مشكلة لم تشهدها من قبل، يجب أن يتم منحها بعض الذكاء لفهم ما يحتاجون لفعله؛ فإما أن يواصلوا إرسال البيانات مرة أخرى، أو أن يتولوا القيام بمهمة ذكية، حتى يتمكنوا من مواصلة المهام التي صنعوا من أجلها”.
على سبيل المثال، لدينا مجموعة من الأقمار الصناعية التي تسبح في مدار المريخ بحثا عن الحياة المجهرية. ولاحظت هذه المجموعة جانبا مثيرا للاهتمام من بين 100 ألف صورة تم التقاطها. وانطلاقا من هذا المنطلق، يمكن لهذه الأقمار أن تختار بشكل جماعي إرسال صورة واحدة تحتوي على العديد من المعلومات المثيرة للاهتمام. ويزعم المهندس بأن “هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، هو التحدي القادم لمجال السفر في الفضاء”.
يعمل فريق مدير برنامج الاتصالات المتقدمة في مركز غلين للأبحاث التابع لناسا، توماس كازبورا، على إيجاد طريقة لتضمين تقنيات الذكاء الاصطناعي، أو التعلم الآلي في المركبات الفضائية. وتساعد هذه الطريقة على عدم الاضطرار إلى الاعتماد على الأشخاص الموجودين في الأرض، لاتخاذ القرارات.
صرح كازبورا أن: “هناك عدة عوائق تتعلق بروابط الاتصال في الوقت الحالي، حيث تعتمد روابط الاتصال على إرسال البيانات على مسافات طويلة جدا”. وأضاف أن “ناسا لا تزال في المراحل الأولية من عملية تطوير الأجهزة والبرامج اللازمة للانتقال إلى المرحلة التالية، أي إنشاء مركبات فضائية ذكية”. وفي نهاية المطاف، يكون الهدف الرئيسي إدخال هذه التكنولوجيات الإدراكية في الجيل القادم من الهندسة الفضائية.
على الرغم من تشابه هذه الحواسيب مع حاسوب هال 9000، الذي ظهر في فيلم الخيال العلمي “2001: ملحمة الفضاء“، للمخرج ستانلي كوبريك؛ إلا أن ريغو روشي، الذي يعمل لدى ناسا، ليس قلقا حيال شروعه في تصميم نظام متمرد. وبرر ذلك بقوله إنه “يوجد فرق كبير بين الواقع والأفلام”.
الربط بين شبكات تسمح بالتأخير
يعيدنا الحديث عن هذه الشبكات إلى تكنولوجيا البلوكتشين. حيث تتعاون ناسا مع جين وي كوتشيس، الخبيرة في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وبناء الشبكات الذكية في جامعة آكرون. وتقول كوتشيس إن “قسوة الفضاء السحيق تتطلب امتلاك الحواسيب لمكونات مادية، وبرمجيات متينة للغاية، لتكون قادرة على العمل باعتماد مستويات طاقة منخفضة، واتخاذ القرارات استنادا إلى البيانات المحدودة، والتأخير المحتمل في إرسال البيانات للأرض“.
واستطردت كوتشيس قائلة: “هذا هو المجال الذي يجب أن تقتحمه البنية التحتية لتكنولوجيا البلوكتشين. وفسر ذلك بأنه يجب أن يكون لدينا هيكل آمن وفعال، لدعم هذا النوع من التعلم الآلي اللامركزي، وعالي المستوى”. ويفيد هذا القول يأن البلوكتشين ستتكفل بربط شبكة الفضاء السحيق.
يتطلع توم كازبورا، التابع لوكالة الفضاء الدولية، إلى استخدام الجيل التالي من رقاقات الكمبيوتر، التي تعرف بالمعالجات العصبية، التي تستخدم طاقة أقل من خلال محاكاة توصيل الأسلاك في الدماغ. وعند سؤاله عما إذا كانت هذه الأنظمة المتقدمة قادرة على اكتساب سمات إنسانية أخرى مثل الوعي؛ أجاب كازبورا أنه “يأمل ذلك”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.