في خضم الحظر التي فرضته الصين، تملك عملة نيو القدرة على أن تكون العملة الرقمية المفضلة في ظل دولةٍ خاضعةٍ لنظامٍ محكمٍ، وربما في جميع أنحاء العالم. ومنذ إنشائها، صممت تكنولوجيا “أونتشين – Onchain” الخاصة بعملة نيو لتكون صديقة للنظام من خلال اعتماد مقاربةٍ مركزيةٍ تختلف بشكل واضح عن أغلب العملات الرقمية الأخرى.
يشرح هذا المقال التكنولوجيا التي تقوم عليها عملة نيو ومنصة “أونتشين”، والعلاقة بينهما، وكيف تختلف عن تكنولوجيا البلوكشين الاعتيادية. كما يوضح هذا المقال أوجه التعاون المحتملة والفرص المستقبلية، بما في ذلك الشائعات التي تتمحور حول وجود فرصةٍ لدى نيو وأونتشين لتحظى بقبول الحكومة الصينية.
ما هي نيو؟
أنشِئت نيو في الأصل تحت اسم AntShares، من طرف دا هونغ فاي وإيريك زان في الصين سنة 2014. ومن ثم، أعيد تصميم علامتها التجارية لتحمل اسم “نيو” سنة 2017. وترتكز نيو على منصة بلوكتشين تدعم عملتها الرقمية وتخول لها تطوير الأصول الرقمية والعقود الذكية.
وتهدف نيو إلى جعل إدارة الأصول الرقمية عمليةً آليةً عبر استخدام العقود الذكية. ويتمثل الهدف النهائي لعملة نيو في بناء نظام اقتصادي ذكيٍ يرتكز على شبكٍ موزعةٍ.
ما هو نظام عمل نيو؟
من الناحية النظرية، يتجسد نظام نيو الاقتصادي الذكي من خلال المعادلة التالية: الأصول الرقمية + الهوية الرقمية + العقد الذكي = اقتصادٌ ذكيٌ.
يمكن رقمنة الأصول بسهولة على منصة البلوكشين الخاصة بنيو بطريقةٍ مفتوحةٍ، ولامركزيةٍ، وجديرة بالثقة، وقابلة للتتبع، وفي كنف الشفافية، حيث أنها خاليةٌ من الوسطاء وما يرتبط بهم من التكاليف.
يمكن للمستخدمين تسجيل وبيع وشراء وتبادل أو تداول مجموعةٍ مختلفةٍ من أنواع الأصول، بما أن نيو توفر المنصة الضرورية لربط الأصول المادية بأفاتار رقميٍ فريدٍ من نوعه على الشبكة. وتدعم نيو مسألة حماية الأصول، خاصةً أن عملية تسجيل الأصول على منصتها تتم من خلال هويةٍ رقميةٍ مصادقٍ عليها ومحمية من طرف القانون.
توفر الهوية الرقمية معلوماتٍ رئيسيةٍ يمكن التحقق منها، تتمحور حول الأفراد والمنظمات وغيرها من الكيانات المشاركة التي تنشط ضمن السياق الرقمي. أما العقود الذكية، فهي تمكن من إنفاذ المعاملات والاتفاقيات بين مختلف الأطراف دون الخضوع لحكمٍ أي نظامٍ قضائيٍ أو آليٍ مركزيةٍ. ويستند إنفاذ هذا النوع من العقود إلى تصميم شيفرة البرمجة الخاصة على الشبكة، ما يسمح بتعقب المعاملات واعتماد مبدأ الشفافية ولكن لا يمكن التراجع في اعتمادها.
تدعم نيو اثنين من العملات المشفرة، نيو وغاز. ومن شأن هذه الشركة أن تدعم البرمجة باعتماد جميع أنواع لغات البرمجة السائدة، على غرار سي# وجافا، وغو، وبايثون، وكوتلن؛ مما يمكن مجموعةً كبيرةً من مطوري البرمجيات من المساهمة بسهولة في هذه المنصة.
التركيز على التوافق مع القوانين التنظيمية
تحافظ نيو على سمةٍ مميزةٍ وواضحةٍ مقارنة بغيرها من منصات البلوكشين الإعتيادية، حيث أنها تسلط التركيز على أن تكون مسايرة للقوانين التنظيمية. وبينما تتمتع الأصول المرقمنة والعقود الذكية بانتشار واسع على منصات البلوكتشين الأخرى مثل إيثريوم، تمثل السمة الرئيسية الثالثة “للهوية الرقمية” نقطة الاختلاف الرئيسية بين نيو وبقية العملات الرقمية.
من المتوقع أن يكون لكل فردٍ، أو مؤسسةٍ تجاريةٍ، أو أي كيانٍ آخر يعمل على منصة نيو أن تكون له هويةٌ رقميةٌ فريدةٌ من نوعها يمكن التحقق منها. وفي هذا الحالة، يملك الأشخاص والشركات خيار التداول فيما بينهم إلا إذا كان في حوزة الطرف الآخر الهوية المطلوبة، ما يجعل شبكة نيو مسايرةً للقوانين التنظيمية.
قد تحتاج العقد المتنوعة على شبكة نيو إلى تحديد الهوية قبل أن تتمكن من المساهمة في التحقق من المعاملة وغيرها من النشاطات مثل المحاسبة ومسك الدفاتر.
دخول أونتشاين
أثناء العمل على نيو، تمكن مؤسسا هذه العملة، دا هونغ فاي وإيريك زان، من جذب اهتمام مختلف الشركات التي تبحث عن حلولٍ خاصةٍ للبلوكتشين. ومن هذا المنطلق، ظهرت أونتشين سنة 2014، وهي شركةٌ تكنولوجيةٌ مستقلةٌ تعمل بالتعاون مع الأطر المالية والقانونية، وتوفر حلولًا تتعلق بالبلوكتشين موجهةٍ لمختلف المؤسسات.
وفي حين أن نيو تعمل مثل بيتكوين وإيثريوم، تركز أونتشين على إنشاء منصات بلوكتشين خاصةٍ ومتحدةٍ لتلبية الاحتياجات المحددة لهذه الصناعة. ويستخدم المنتج الرئيسي لأونتشين، بنية الشبكات الموزعة، وتطبيقات الأصل الرقمي لمساعدة الشركات على إنشاء منصات بلوتشين خاصةٍ وعامةٍ. ويعتقد مؤسسو هذا المنتج أنه يمثل منصة البلوكتشين التي يمكن تخصيصها لمعالجة جميع أنواع المشاكل في القطاعين الخاص والعام.
العلاقة بين نيو وأونتشاين
يمثل كل من نيو وأونتشين كيانان منفصلان موجودان بشكل مستقل ولا يمتلك أحدهما الآخر. تستهدف نيو شريحة المؤسسات التجارية والمستهلكين، في حين أن تكنولوجيا أونتشين تسلط التركيز على الخدمات المؤسسية بين المؤسسات التجارية. وتتلقى كل من نيو وأونتشين تمويلاً بشكل منفصل، حيث تم تمويل نيو من طرف منظمة عمومية. أما أونتشين، فتعتبر مدعومة من قبل أكبر تكتل خاص في الصين يدعى فوسان.
وعندما سألنا دا هونغ فاي عن سبب اختيار فوسان شريكاً استثمارياً، أجاب قائلا: “تشمل الأذرع الثلاث الرئيسية للمحفظة الاستثمارية الخاصة بفوسان التمويل والعلوم الطبية والترفيه ونمط الحياة، التي من شأنها أن تخلق تعاونا جيدا مع تكنولوجيا البلوكتشين. ولهذا السبب، اخترنا مجموعة فوسان على اعتبارها شريكاً مستثمراً لأننا نقدر بشدة قيمة موارد المؤسسة التي توفرها المجموعة، وخاصة وأنها تمثل منصة بالنسبة لأونتشاين لعرض تكنولوجيا البلوكتشين”.
إمكانيات واعدة
يتصور المؤسسين المشتركين في كلتا الشركتين، نيو وأونتشين، أنه ستكون لهما القدرة في المستقبل على تحقيق قابلية التشغيل المتبادل عبر المنصات. بعبارة أخرى، سيتم تطوير آلية تسمح بوجود الاتصالات الضرورية لتبادل المعلومات بين مختلف منصات البلوكتشين، العامة منها مثل نيو والخاصة مثل تلك التي تشغلها الشركات.
مع تواصل تزايد أعداد الأنظمة التي تعتمد على البلوكتشين في المجالات الخاصة والعامة، ستكون هناك حاجة في نهاية المطاف إلى قابلية التشغيل المتبادل بين مختلف منصات البلوكتشين. وتتوقع فرق العمل في نيو وأونتشين أن يتم سد هذه الفجوة من خلال العمل المستمر في هذا الصدد.
تكتسي الثقة والهوية أهمية كبرى في سبيل تمكين قابلية التشغيل المتبادل المرجوة. وتجدر الإشارة إلى أنه سيتم سد هذه الفجوة بتوظيف الخاصية الجوهرية “للهوية الرقمية” التي تمثل جزءاً لا يتجزأ من منصة البلوكتشين الخاصة بنيو.
بشكل أساسي، قد تمهد كل من نيو وأونتشين مساراً وسطاً بين نظام البلوكتشين المجهول وغير المنظم وغير المركزي بشكل تام (مثل البيتكوين)، ولاقتصاد المنظم بشكل تام والمتوافق مع قاعدة “اعرف زبونك” على غرار نظام الحسابات المصرفية وبطاقات الإئتمان الحالي.
من خلال اتباع مقاربة شاملة تسعى إلى تلبية احتياجات جميع الأطراف، على غرار المستخدمين الفرديين والمساهمين في الشبكة مثل المعدنين والمشاركين في المعاملات والشركات الخاصة وحتى المنظمين، من الأفضل اعتماد نيو أونتشاين لتقديم حل شامل لرأب الصدع المستمر بين منظمي الاقتصاد المغلق والمتحمسين للعملة الرقمية في صلب النظام المفتوح.
ما الحل بالنسبة للصين؟
تعمل منصة نيو بمثابة قاعدة أساسية لمفهوم قابلية التشغيل المتبادل الذي أنتجته أونتشين. توفر نيو منصات بلوكتشين لامركزية وعامة بينما تلبي قابلية تبادل التشغيل الحاجة لمنصات بلوكتشين خاصة. وبالتالي، يمكن الربط بين هذين النظامين للحصول على أحسن ما يوفره نيو وأونتشين.
على ضوء هذه المعطيات، تحصلت أونتشين بالفعل على موافقة قابلية التشغيل المتبادل من حكومة غوييانغ، وهي عاصمة مقاطعة قويتشو الواقعة في جنوب غرب الصين. وقد قام الطرفان معا بإصدار العقد الذكي 2.0 وغيرها من تكنولوجيا البلوكتشين الصينية في أوائل سنة 2017. وفي منتصف السنة ذاتها، كانت أونتشين من بين الدفعة الأولى التي اجتازت بنجاح اختبار البلوكتشين الصيني، لتدخل عقب ذلك في شراكة استثمارية مع مجموعة فوسان.
على الرغم من أن الصين بصدد إحكام قبضتها على العملات الرقمية مؤخراً، إلا أن قبول تكنولوجيا البلوكتشين يعد احتمالاً وارداً. وفي منتصف سنة 2017، أفادت التقارير أن الحكومة الصينية بصدد القيام بتجارب وإنشاء عملة وطنية رقمية خاصة بها.
تحوم الشائعات حول احتمال بحث الحكومة الصينية عن حل بديل رغم موقفها الصارم إزاء مختلف العملات الرقمية اللامركزية والعروض الأولية للعملة. كما أفادت الشائعات أن الحكومة لا ترى مانعا في العمل مع الشركات التي ترغب في اللعب وفق قواعدها الخاصة. وعلى اعتبارها مشاريع محلية صينية، تعتبر نيو وأونتشاين أفضل المنافسين في هذا الإطار، إذا ما تحققت الشائعات.
على ضوء هذه المعطيات، في حال وقع تقبل تكنولوجيا الأونتشين الواعدة ودمجها في صلب اختيارات الحكومة الصينية والشركات، ستزيد من نسبة تبني نيو بشكل كبير وعلى نطاق واسع.
الخلاصة
تبدو الصلابة التقنية لمفهوم النيو- أونتشاين ومقاربتها المركزية أمرا واعدا، مما يجعله خيارا جذابا ليس فقط بالنسبة للسلطات الصينية بل بالنسبة للحكومات الأجنبية التي تشعر بالقلق إزاء سوق العملة الرقمية اللامركزية والمجهولة.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.