خلال شهر فبراير/ شباط 2018، اجتمع حوالي 90 شخصًا في معمل تصنيعٍ يقع على الجانب الشرقي من برشلونة، مليء بنماذج مصنوعةٍ من خشب الأبلكاش والشاشات القديمة وأصص نباتاتٍ صغيرةٍ، فضلا عن وجود أحد الروبوتات الآلية.

في ذلك المكان، كان أولئك الأشخاص يستمعون إلى شاب يرتدي ثيابًا سوداء ويضع قبعةً سوداء، وكان ذو لحيةٍ منحته طابعًا عسكريًا. لقد كان ذلك الشاب يتكلم بترددٍ شديدٍ وبطريقةٍ .متقطعةٍ. وعندما كان يتحدث كانت تظهر وراءه شاشة تكشف عن مخططٍ لشقةٍ مكونةٍ من 5 غرف: مرحاض، ومكتبٌ، وغرفة معيشةٍ كبيرةٍ، وغرفتي نومٍ بحسب ما ذكر موقع ويرد 

 

فريق من “الهاكرز”

وأوضح ذلك الشاب، الذي كان يتحدث باللغة الإنجليزية، “نريد إنشاء مقرٍ هنا في كتالونيا يجمع بين فريقٍ من الهاكرز (قراصنة الويب)، من أجل تدريبهم وإرسالهم لإدارة مشاريعنا”.

وأضاف “سيكون هذا المقر مثل محرك الشركات الناشئة الذي يملك طابعًا سياسيًا وليست له أي أهدافٍ ربحيةٍ وإنما يهدف إلى خلق تغييرٍ اجتماعيٍ”.

في الوقت الراهن، يبحث هذا الرجل عن 5 أشخاص لا يجب بالضرورة أن يكونوا من ذوي الخبرة التقنية، ولكن يفضل أن يكونوا  من الإناث لأسبابٍ تتعلق بالمساواة بين الجنسين وأخرى أيديولوجيةٍ، للانضمام لهذا “الدوجو”.

وسيعيش هؤلاء “الهاكر مونكس” أو “التقننين المستقلين” أو “المحاربين الروحيين” أو ببساطة “الثوار” معًا لمراقبة النظام شبه الخيّر الذي سيضعونه، والعمل على تحقيق هدفٍ مشتركٍ يتمثل في استخدام تقنياتٍ على غرار البيتكوين، والبلوكتشين، التي تعد برمجياتٍ مفتوحة المصدر، من أجل تعزيز نفوذ الحركات الثورية في جميع أنحاء العالم، بدءًا من المؤيدة للحصول على استقلالية إقليم كتالونيا.

ووفقًا لما جاء في الكتيب، الذي يتكون من 18 صفحة وتم توزيعه قبل بداية هذا الاجتماع، تضع هذه المجموعة هدفًا طويل المدى يتمثل في “انهيار نظام الدول العالمي بالكامل”.

 

انهيار نظام الدول العالمي

وجد هذا الشخص الذي يسمي نفسه “أمير تاكي” مقرًا مناسبًا “للدوجو” الذي يريد تكوينه، مشيرًا إلى المخطط الذي يوجد وراءه. كما أكد أنه إذا تمكّن شخص ما من إيجاد مكان أفضل فليعلمه. وأوضح أن جميع التفاصيل توجد في الكتيب عندما كان يُلقي نظرةً سريعةً على جميع الموجودين في الغرفة، حيث قال “يمكنك العثور على الأرقام الخاصة بالتواصل على الموقع الإلكتروني الخاص بي، وهو أمير تاكي“.

في أوائل سنة 2015، اختفى مُطور البيتكوين البريطاني، أمير تاكي. ومنذ ذلك الوقت، كان ظهوره الإعلامي متكررًا وغير معقولٍ، لكنه كان يختفي بعد ذلك بطريقةٍ مفاجئةٍ.

أما على موقع تويتر، كان الأشخاص المهووسون بالبيتكوين يشتكون من أنهم لا يستطيعون الوصول إليه. ولم يكن لدى القراصنة النشطاء، الذين كانوا يعيشون معه في لندن حيث يوجد “مقر البيتكوين “، أدنى فكرةٍ عن مكان وجوده.

 

شخصية مرموقة في مجتمع البيتكوين

وكان تاكي، البالغ من العمر 27 سنةً، شخصيةً بارزةً لها مكانتها المرموقة في مجتمع البيتكوين، لكنه كان مصدرًا للقلق بالنسبة للحكومات التي أصبحت  تخشى من كيفية توظيفه للعملات الرقمية لأغراضٍ غير مشروعةٍ، في طريق الحرير الجديد.

كما اكتسب هذا المتمرد الجريء سمعةً سيئةً عندما بدأ بتطوير المحفظة المظلمة، وهي تعد من إحدى أنظمة الدفع التي من شأنها أن تجعل معاملات بيتكوين منعدمة الأثر.

من خلال تطوير هذه المحفظة، كان تاكي يهدف إلى أن يكون الأفراد أحرارًا في شراء أي شيء دون تدخل البنوك أو الحكومات.

لكن هذه المحفظة المظلمة تمكنت أيضًا من جذب المجرمين ومبيضي الأموال، وحتى تنظيم الدولة، الذي أوصى بهذه التكنولوجيا من خلال منشوراته على مواقعه الإلكترونية. ونتيجة ذلك، اكتسب المحفظة المظلمة سمعة سيئةً نوعًا ما، وهذا ما دفع تقريبا تاكي للاختفاء.

خلال شهر سبتمبر/ أيلول 2015، عاد أمير تاكي للظهور مجددا. ولكن ليس شخصيًا، وإنما من خلال إرسال سلسلةٍ من رسائل البريد الإلكتروني بصورةٍ فجائيةٍ إلى مجموعة من المتمردين عبر نظامٍ غير محددٍ.

وتطرقت معظم هذه الرسائل الإلكترونية لكلمة “روج آفا”، وهي منطقة حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع في شمال سوريا. ولم يكن هذا مجرد اهتمامٍ أكاديميٍ: فقد كان تاكي في سوريا، ويقاتل في صفوف “روج آفا” ضد تنظيم الدولة، حيث يرى أنه من واجبه الدفاع عن روج آفا، التي تمزج بين الفيدرالية والديمقراطية.

وقدّم تاكي مهاراته التكنولوجية، لكن الأكراد سلّموه سلاح كلاشنكوف وأرسلوه إلى خطوط المواجهة. آنذاك، لم يتحصل تاكي على تدريبٍ عسكريٍ، لكنه يقول إنه سرعان ما أتقن فنون القتال. كما أقر بأنه تعلم أن يقدر الجوانب التقنية للحرب، على غرار ضرورة تنظيف سلاحه كل يومٍ، وكيف يستخدم القناصة عامل الجاذبية واتجاه الرياح عند محاولة التخلص من عدو يوجد في مكان بعيد.

 

تاكي في ساحة المعركة

عاش تاكي بعض اللحظات المرعبة في ساحة المعركة، وخاصة أثناء تبادل إطلاق النار، لذلك من المحتمل أنه شارك في قتل بعض عناصر تنظيم الدولة. وأوضح تاكي أن “الاعتقاد بأنك يمكن أن تموت في أي لحظة هي تجربةٌ مخيفةٌ جدًا. ولكن عندما تصل إلى جبهة القتال والسلاح في يدك، تصبح حقيقة الخوف من الموت مجرد شعور يمكنك التأقلم معه، لكن الشعور الأكثر صعوبةً يتمثل في فقدانك لأصدقائك: وبالفعل توفي  العشرات من أصدقائي”.

وقضى تاكي 3  أشهرٍ ونصف في القتال، قبل أن يتمكن أخيرًا من الحصول على عقدٍ من اللجنة الاقتصادية “روج آفا” لتركيز طاقاته على المشاريع المدنية: على غرار الحصول على التمويل الجماعي وبناء مصانع الأسمدة.

وفي نهاية المطاف، عاد تاكي إلى بريطانيا سنة 2016، ومثل كل العائدين من سوريا تعرض للإيقاف من قبل الشرطة، ووضع تحت الإقامة الجبرية. وبعد بضعة أشهرٍ، تمكن من الحصول على جواز سفره، ومغادرة البلاد على الفور.

ويقول كاتب التقرير جيان فولبيسيلي في موقع ويرد عندما اتصلت به عن طريق تطبيق سيجنال، خلال شهر سبتمبر/ أيلول، أخبرني بأنه في الأرجنتين.

وعندما سألته كيف كان يقضي أيامه، وما إذا كان لديه أي خططٍ للمستقبل القريب، أجابني أنه “يريد زيارة القراصنة والقراصنة المتمردين والجماعات المتمردة”، مضيفا أنه “يدرس في الوقت الحالي الكثير من الكتابات المختلفة لفهم مآل التكنولوجيا على مدى السنوات العشرين المقبلة”، فضلا عن أنه يرغب في مزج جميع هوياته باعتباره مطور بيتكوين، ومتمردًا، ومقاتلًا أجنبيًا؛ من أجل خدمة مصالح روج آفا، وصياغة برنامجٍ سياسيٍ جديدٍ. كما أكّد أنه يريد أن يصبح ثوريا.

في الوقت الحالي، عاد تاكي إلى أوروبا مع احتمال أن يكون في المملكة المتحدة، حيث تفرض عليه الشرطة إقامةً جبريةً، لأنه يرغب في أن يرجع لعالم بيتكوين مرة أخرى.

وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، وفي حين كان تاكي مشغولًا بحمل السلاح ودراسة علم الاجتماع، شهدت العملة الرقمية التي شارك في تطويرها، تغييراتٍ عميقةٍ.

لقد ارتفع  سعر عملة البيتكوين من 200  دولارٍ خلال شهر مارس/ آذار  2015 إلى أكثر من 19 ألف دولارٍ خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2017، قبل أن تتراجع اليوم ويصبح سعرها 10 آلاف دولارٍ.  وبعد أن كانت هذه العملة تحظى باهتمام مجموعةٍ من الليبراليين، والتقنيين المثاليين، ومستخدمي الشبكة المظلمة، أصبحت اليوم تستقطب التجار، والراغبين في جمع الثروات والانتهازيين الذين يريدون اغتنام  فرص البيع.

وأشار تاكي إلى أن القدرات السياسية الفعالة للتكنولوجيا قد تلاشت، مؤكدًا أن “البيتكوين لم تعد لديها أي رؤية مستقبليةٍ، أو تطلعيةٍ”. “وكل الأفكار التي بنيت عليها عملية استخدام البيتكوين، التي تشمل تحدي الأنظمة الحالية، ومنح المستخدمين المزيد من الخصوصية، ووضع أشكالٍ جديدةٍ من النظم الاقتصادية، قد تهاوت.

وفي الوقت الراهن، أصبح الهاجس الوحيد للمجتمع العملة الرقمية هو تحقيق ارتفاعٍ في القيمة”.

من وجهة نظر تاكي، أصبحت البيتكوين تشبه معظم التقنيات التكنولوجية، بدءًا من أجهزة الكمبيوتر الشخصية وصولًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، أداةً تافهةً في أحسن الأحوال وقمعيةً في أسوأها. ونتيجة لذلك، تتطلب عملية إصلاح هذه العملة، نظامًا أيديولوجيًا ومجموعة من المبادئ القوية التي بإمكانها توجيه البيتكوين نحو أهدافٍ سياسيةٍ. وقد وجد تاكي أن هذه الأيديولوجية تكمن في أعماق الصراع السوري.

بناء على ذلك، من المحتمل أن تلعب البيتكوين دورًا مهمًا في هذه المجتمعات ذاتية الحكم. وحيال هذا الشأن، يعتقد تاكي أن عملة البيتكوين يمكن أن تكون عاملًا محفزًا لانتشار مفهوم الكونفدرالية الديمقراطية على نطاقٍ عالميٍ.

وفي المقام الأول، سوف تتيح البيتكوين لمجتمعات مثل روج آفا فرصة تبادل المال والسلع بعيدًا عن السلطات الحكومية والمالية.

 

تأسيس “الدوجو”

لا تزال شبكة البيتكوين بطيئةً جدًا في تقديم الخدمات للمجتمعات الكبيرة، حيث لا تستطيع القيام سوى بسبع معاملاتٍ في الثانية، وهذا هو السبب الذي جعل تاكي يضع هدف توسيع نطاق هذه الشبكة ضمن الأهداف الأولى للدوجو الذي يريد تأسيسه.

من جانب آخر، يملك تاكي العديد من الاستخدامات الممكنة لتكنولوجيا البلوكشين. وفي بيانٍ له، أشار تاكي إلى أن “أنظمة الرسائل اللامركزية، وتطبيقات الحوكمة الرقمية، والأسواق السوداء الإلكترونية؛ ستكون مثل طريق الحرير الجديد، ولكننا لن نكون مسؤولين عنه”.

في البداية، سوف يعمل قراصنة تاكي على تطوير هذه المشاريع، فضلا عن إطلاق العديد من المبادرات الأخرى التي ليس لها علاقةٌ بمجال العملات الرقمية، مثل شبكات الهاتف المحمول، والبرمجيات مفتوحة المصدر، والتكنولوجيا الصناعية المستدامة، بهدف دعم مجتمع “روج آفا” المحاصر،  الذي لا يزال على تواصل معه. ولكن هذا ليس سوى مجرد البداية بالنسبة لخطة تاكي الرئيسية، التي تتمحور بالأساس حول كتالونيا.

 

الأحداث في كاتالونيا

عندما تمضي بعض الوقت مع تاكي ستدرك أن لديه طريقتين مختلفتين ليعبر عن مكنون نفسه. فعندما يقف على خشبة المسرح، أو عند إدارة مقابلةٍ مباشرةٍ معه، سيتحدث معك مستعينًا بالاقتباسات والبراهين؛ فيشير تارةً إلى مقولات ماو، ولينين، وآدا لوفلايس، ولويس مومفورد، لتفسير الكلمات الأساسية والمفاهيم لمصطلحات مثل “الدولة” و”العنف” و”التسلسل الهرمي”. ثم يشرع في إلقاء محاضرةٍ مطولةٍ حول المبادئ الأولى. أما في الحالات غير رسمية، فهو وديٌ وقليل الكلام، ويعشق إيقاع محاوريه في مأزق التناقض الذاتي.

ويوضح الكاتب في مقاله على موقع ويرد قائلاً: “التقينا بتاكي الآن، وقد كان في مزاج ودي، يقف خارج حانة بالقرب من موقع الحدث، ويحيط به حشد صغير من الأفراد الذين قدموا لسماع حديثه. كان مساء شديد البرودة بشكل غير اعتيادي في برشلونة، وكان الأشخاص الذين لا يحملون البيرة يضعون أيديهم في جيوبهم. كان تاكي لا يحتسي الكحول، في حين أخذ يتناول موزة، التقطها من صندوق كرتوني نصف ممتلئ بحزمة من نشرات المؤتمر”.

وأورد تاكي أنه كان موجودا هنا خلال استفتاء استقلال كتالونيا، والاضطرابات التي جدت بعد الاستفتاء. لكنه لم يشارك في المواجهات التي وقعت في الشوارع، لم يكن الأمر يستحق أن يهدر طاقته عليه. لم يكن الكاتالونيون على استعداد حقيقي للتضحية بحياتهم من أجل هذا الهدف.

في البداية، كان تاكي يخطط لإطلاق عملية القرصنة الثورية في اليونان، ولكن عندما أمعن التفكير أدرك أن مجتمع البيتكوين اليوناني لا يكاد يذكر.

وكان المشهد الكتالوني أكثر تطورا، إن لم يكن أضخم. بالإضافة إلى ذلك، أمنت الاضطرابات السياسية في المنطقة أرضية اختبار خصبة للحماس الأيديولوجي والمهارات التقنية لتاكي.

سألته: هل يحاول تاكي أن يغذي استقلال كاتالونيا؟ فجاءت الإجابة معقدة.

لقد التقى ببعض المنظمات المؤيدة للاستقلال، ومع أشخاص يعملون مع “برشلونة المشتركة”، وهي منصة مواطنين أطلقها العمدة آدا كولو مستوحاة من أفكار موراي بوكتشين، الفيلسوف الذي يعشقه تاكي.

وعلى الرغم من أنه لم يحقق الكثير من خلال لقائه بهم، إلا أن تاكي لا يزال مهتما بالعمل مع وداخل تلك الجماعات. وفي هذا الشأن أفاد تاكي “ربما اعتقدوا أني مجرد رجل بريطاني مجنون”.

وتتمثل المشكلة الرئيسية في أن الاستقلال بالنسبة لمعظم الكتالونيين يعني إنشاء دولة وطنية جديدة، بينما يعتقد تاكي أنه ينبغي طمس الدول لصالح سرب عالمي من المجتمعات ذات الحكم الذاتي تنسج على منوال روجافا.

إذا أراد الكتالونيون تحقيق هذا النوع من الحكم، فسيكون تاكي وجيشه المكون من خمسة أشخاص مستعدا لتقديم المساعدة التقنية والإيديولوجية. على سبيل المثال، يرى تاكي أن اعتماد العملة الرقمية سيسمح للكتالونيين بالإفلات من دفع الضرائب للدولة الإسبانية. كما يمكن أن تستخدم البلوكتشين لإنشاء نظام تصويت رقمي آمن، لإعادة الاستفتاء دون التلويح باستخدام عصا الشرطة ضدهم.

وسأل الكاتب تاكي: “ألن يغضب هذا الأمر الحكومة المركزية في إسبانيا، ويجبرها على رد الفعل؟ فأومأ قائلا: “‘نعم أنا آمل ذلك. وآمل أن يُغضب الأوروبيين والحكومات الأخرى”.


بعد يوم من خطابه، التقيت بتاكي في أوراسوسيال، وهو سكن عشوائي بالقرب من كنيسة ساغرادا فاميليا للمهندس المعماري غاودي، حيث استحوذ تاكي حاليا على غرفة أبعادها ثلاثة أمتار على مترين في الطابق الثاني. وقد وجدته لا يزال يرتدي الزي الأسود نفسه الذي رأيته به الليلة الماضية، ولكن هذه المرة من دون قلنسوة. قمنا بجولة في حديقة مجاورة. كان يجول بذهني سؤال تكون منذ أن استمعت إلى حديثه، مفاده كيف ستصبح كتالونيا إذا نجحت خطته؟

توقف لبرهة للتفكير، ثم قال: “أولا وقبل كل شيء، ستكون هناك حركة ريفية قوية جدا للمنتجين الزراعيين، وستكون هناك هوية محلية ووطنية قوية وبارزة في مجال الثقافة والموضة. وسيقع تنظيم الأفراد سياسيا وديمقراطيا على مستوى محلي”.

وأضاف تاكي أن “الحرية تتمثل في القدرة على تلبية احتياجاتنا على مستوى محلي. وطالما أن الكتالونيين يواصلون تناول ماكدونالدز، وشراء الملابس من إتش أند أم (H & M)، ومشاهدة أم تي في (MTV)، فإنهم لن يصبحوا أحرارا”.

لا تعد الرؤية التي يتبناها تاكي بالأمر الذي قد يعترضك عادة عند النظر إلى الفئات السياسية المهمشة ضمن مجتمع البيتكوين.

هناك نقاط مشتركة واضحة بين تحليل تاكي للحداثة ونظرة المفكرين العالمية حول اليمين المتطرف. ويرى تاكي أن هؤلاء المفكرين على قدر من الصواب. وفي هذا الشأن، قال تاكي: “عندما أستمع للقومي الأبيض ريتشارد سبنسر، أعتقد أن الكثير من الأمور التي يقولها صحيحة، وأنه ليس رجل غبي. يجب على الأفراد في الغرب التعامل مع هذه الأفكار، وليس تجاهلها، حيث أن بعض الانتقادات من جانب اليمين المتطرف تحمل في طياتها قدرا من الحقيقة”.

وأردف تاكي: “كما قلت للشرطة عندما اعتقلتني في إنجلترا، من مصلحتهم دعم مشروعي أو أن قوات أخرى أكبر ستنهض في أوروبا. على عكس تلك القوات، أنا لا أسعى للدخول في صراع مفتوح مع الدولة. لذا يجب أن نبدأ في الحوار الآن”.

 

عالم البيتكوين

سينعقد الحوار الأكثر أهمية، على الأرجح، داخل عالم البيتكوين نفسه. في الأثناء، يقتضي هدف تاكي أن يتأكد من أن البيتكوين يعد سلاحا حقيقيا، بدلا من كونه مصدرا للمزاح، ومغالطات “وولف أوف وول ستريت”.

لقد حكم على مستخدمي البيتكوين اليوم، المتشائمين سياسيا أو المتغافلين، باستثناء الليبراليين، الذين قد يستمتعون بالمبارزة الفكرية، بأن يكونوا أول ضحايا حملة تاكي العنيفة. وفي حين يحاول هؤلاء الأشخاص اقناع العالم وأنفسهم بأن البيتكوين فئة من الأصول غير العادية في أحسن الأحوال، وخطر مالي في أسوئها، يعمل تاكي على أن يظهر للجميع أنها عملة أكثر قوة وخطورة.

ويقول الكاتب، “في الوقت الذي كنت فيه بصدد كتابة هذا التقرير، كان تاكي يقوم بعملية تجنيد لأول خمسة أعضاء في أكاديميته، سيضطرون للتخلي عن أي مسؤولية أو التزام آخر، في فترة خضوعهم “للتدريب الأيديولوجي”، ليعيشوا حياة زهيدة في مقر سيستأجره تاكي.

ولن يكون هناك راتب سوى “المشاركة في إنجاز عمل تاريخي”. يخطط تاكي مع مرور الوقت لفتح فروع أخرى في جميع أنحاء العالم، وتحديدا في مناطق متفرقة سياسيا مثل كيرلا الهندية والمكسيك والأرجنتين.

 

هل ينبغي أن نتعامل مع هذا الأمر برمته بشكل جدي؟

نعم ولا. تعد خطة تاكي طموحة جدا إلى حد جنون العظمة، وهناك الكثير من المعطيات التي يجب أن تتحقق لصالح خمسة أشخاص يمثلون فريقا من القراصنة ليكونوا قادرين على إسقاط نظام عالمي. ولكن سيكون من الخطأ الاستهانة بقدرة تاكي على إحداث التغيير. فقبل كل شيء، وضعت “المحفظة المظلمة” في إحدى ورقات الاتحاد الأوروبي ضمن تحديات العملة الرقمية، في خانة تشمل الإرهاب وغسل الأموال.

نظرا إلى أن تاكي تبنى البيتكوين في وقت مبكر، فمن المرجح أن يكون لديه ما يكفي من المال لتمويل مشروعه، خاصة أنه يتمتع بنفوذ كبيرفي صفوف المطورين الأساسيين والأيديولوجيين. بالإضافة إلى ذلك، يملك تاكي حافزا كبيرا في حين يحركه دافع مصيري نحو حقيقة ثورية.

سألت تاكي: “ما هو الشيء الذي قد يجعلك تتراجع؟”، فقال: “الموت”. مما دفعني لأسأله: “موت من؟” فأجاب: “موتي”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.