خلال سنة 2017، حققت العملات الرقمية أرقامًا قياسيةً مذهلةً. فقد تضاعفت قيمة كبرى العملات الرقمية، مثل البيتكوين والإيثريوم والريبل، إلى حدٍ جعل أولئك الذين استثمروا فيها في قمة السعادة، في حين شعر أولئك الذين اختاروا أن لا يستثمروا فيها أنهم قد فوتوا فرصةً لا تعوض.

في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2017، ارتفعت قيمة البيتكوين لتبلغ أعلى مستوًى لها على الإطلاق بما يربو عن 19.850 دولارًا أمريكيًا، كما سجلت العديد من العملات المهمة الأخرى نموًا ملحوظًا، وفق ما ذكرت مجلة فوربس الأميركية.

ومع ذلك، كان لابد من تنبيه الأفراد من مغبة الانخراط في هذا المجال، واطلاعهم على الأسباب التي تدفعهم إلى تجنب الاستثمار في العملات الرقمية، خاصةً بالنظر إلى طبيعة السوق المتقلبة.

منذ البداية لم تكن 2018 سنة جيدةً للسوق حتى الآن. فبعد أن بلغت قيمتها السوقية 834 مليار دولارٍ أمريكيٍ بحلول السابع  من يناير/ كانون الثاني 2018، أعلنت كوين ماركت كاب أن السوق قد شهدت هبوطًا حادًا بنسبة 66 بالمائة، لتفقد أكثر من 553  مليار دولارٍ.

حالةٍ من الذعر في صفوف المستثمرين

وخلال شهر فبراير/ شباط 2018، سجلت البيتكوين خسارةً فادحةً ناهزت 50 بالمائة، مع انخفاض قيمتها إلى أقل من 7 آلاف دولارٍ. كما عانت كل من الإيثريوم والريبل من انخفاضٍ مماثلٍ، حيث سجلت كلتاهما خسائر قدرت بأكثر من 40 بالمائة خلال الشهر نفسه.

وقد أدى انهيار الأسعار إلى انتشار حالةٍ من الذعر في صفوف المستثمرين. ولكن، لسائل أن يسأل: هل هذه هي المرحلة التي سيأفل فيها نجم العملات الرقمية؟  هل هذا ما حذر منه العديد من الخبراء؟ وهل اقتربت نهاية العملات الرقمية؟

أورد المؤسس المشارك لشركة “إيفركوين“، ميكو ماتسومورا، أنه “كانت فيما مضى حركةٌ كبيرةٌ في السوق بشكلٍ واضحٍ. وكان الخوف الوحيد الذي اجتاح السوق هو الخوف من فقدانها”.

لقد دفعت هذه التكهنات الكثيرين إلى التدافع نحو السوق، مما أدى إلى تضخم الأسعار، إلا أن ماتسومورا قال إنه يعتقد أن السوق بدأ يستقر حاليًا، وهذا هو السبب الكامن وراء هذا التراجع.

 

كما ذكر المصدر نفسه، “أعتقد أنه قد أصيب عددٌ من الأشخاص بحالةٍ من الذعر، وهذا حقًا أمرٌ مؤسفٌ. ولكن، مع كل شخصٍ جديدٍ ينتابه الذعر يوجد حتما آخرون يحسون بالارتياح مع التراجع الذي بلغت نسبته 50 بالمائة، الذي يمثل بالنسبة لهم فرصةً للشراء”.

ويعتقد ماتسومورا أن هذا يمكن أن يفتح نافذةً من الفرص لتحقيق المكاسب في المستقبل.

هناك حاجةٌ ماسةٌ إلى التنظيم السليم للسوق، فوفقًا لتوماس غلاكسمان التابع لشركة “غايت كوين”، فإن “زيادة الاعتراف التنظيمي لمبادلات العملة الرقمية، وتقديم رأس المال المؤسسي، ومواكبة التطورات التكنولوجية الكبرى، سوف يسهم في إحياء السوق ودفع أسعار العملات الرقمية إلى مستوياتٍ قياسيةٍ جديدةٍ هذا العام”.

حسب المؤسس المشارك لمنصة أوكيولار، داجر كونتريراس، فإن التطورات التي تشهدها البلوكشين على مستوى الحماية والقيود المفروضة عليها، تمنح المستثمرين شعورًا بالأمان عند الاستثمار في العملات الرقمية.

وتابع: “ومع استمرار البورصات والمحافظ في تحسين إجراءاتها الأمنية التي تشتمل على أنظمة مثل “إعرف عملاءك” ‘(KYC) ونظام مكافحة تبييض الأموال، قد يشعر المستثمرون بأمانٍ أكبر لأن ذلك سيقلل من احتمال تعرضهم للاختراق”.

 

الضوابط القادمة

عندما سئل عن أفكاره المتعلقة بالضوابط النظامية، قال ماتسومورا “بالطبع هناك المزيد من الضوابط القادمة، ولكن المقاربة الحالية لم تعتمد على إدخال قوانين جديدةٍ، لكنها تقوم على اتخاذ تدابير قمعيةٍ ضد المحتالين وأولئك الذين خرقوا قانون السندات المالية دون قصدٍ”.

كما أوضح ماتسومورا أنه “من الواضح أن هناك قلقًا كبيرًا آخر إزاء القرصنة والأمن والاحتجاز”. ويشكل استخدام التبادلات الاحتجازية المركزية الضخمة نقطة ضعف الاقتصاد اللامركزي المخالف. ومن المتوقع أننا سنختبر عمليات اختراقٍ ضخمةٍ إلى حين إدراك المجتمع أنه بحاجة إلى التحول إلى التبادلات غير الاحتجازية”.

كلف الاختراق الأخير الذي تعرضت له محفظة كوينتشاك، الشركة 530 مليون دولارٍ من العملات الرقمية، والخشية من عدم توفر الأمن لا تعتبر قلقًا مبالغًا فيه بالتأكيد.

ويقال إن هذا الاختراق يعتبر الأكبر من نوعه، حيث دفع وكالة الخدمات المالية في اليابان إلى أن تشن هجومًا على التبادل. وقد أدت هذه السرقة إلى زيادة الحاجة إلى اتخاذ تدابيرٍ تنظيميةٍ وأمنيةٍ سليمةٍ في السوق.

 

لم تحاول الصحافة المعادية للعملات الرقمية أن تبذل الكثير من الجهد حتى تخفف من حدة التوتر في السوق. في ديسمبر/ كانون الأول 2017، تم تعليق عمل شركة كريبتو من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وسط تزايد الشكوك حول مدى كفاية ودقة المعلومات المتوفرة عن الشركة.

كما أدت التكهنات حول العملات الرقمية، التي تشكل فقاعةً يمكن أن تنفجر في أي وقت، إلى زيادة مخاوف الكثيرين.

ووفقًا لمقال نشرته صحيفة الغارديان، حذر الاقتصاديون من أن فقاعة البيتكوين قد انفجرت وأن ما سينجر عنها سيكون أسوأ. ففي فبراير/ شباط 2018، خفض بنك النمسا قيمة البيتكوين إلى “تكهناتٍ بحتةٍ”. وقد دفعت هذه البيانات صعبة الفهم المتأتية من مصادر عديدةٍ مستثمري العملات الرقمية، وخاصة المستجدين، إلى حالة من الارتباك التي يعتقد أنها ساهمت في هذا التراجع.

في الآونة الأخيرة، حظرت السلطات الصينية عروض العملة الأولية وستمنع المواطنين من الوصول إلى المواقع التي تقدمها. ومن جهته، أشار البنك المركزي الصيني إلى أنه سيشدد الضوابط على المشاركة في عروض العملة الأولية الخارجية ومعاملات العملة الرقمية.

 

التفاؤل بالسوق

ولكن هناك سبب يدعو للتفاؤل في هذه السوق، فبحلول الثالث من مارس/ آذار، سيستقر سوق العملات الرقمية على 461 مليار دولارٍ. أما في الوقت الراهن، لن يتجاوز سعر البيتكوين 11.300 دولارٍ. وبحلول 12 فبراير/ شباط، شهدت سوق العملات الرقمية نموًا بلغ حدود 429.5 مليار دولارٍ.

وحاليا، تشهد البيتكوين ارتفاعًا من وضعيتها الأولية، حيث كانت تساوي أقل من 6.800 دولارٍ، وبالمثل زادت قيمة الإثيريوم والريبل بنسبة فاقت 20 بالمائة.

ويعتقد جيمس بورك من أوتلير فينتشورز أنه في الشهر المقبل من المرجح “أن تتجه السوق نحو معركة مقارناتٍ إن لم يكن أكثر من العام الماضي، حيث يحتمل أن تصل إلى علامة تريليون دولار، قبل أن يحل موسم الشتاء بالنسبة للعملات الرقمية، ليصبح السوق أكثر تركيزًا على أساسيات السوق المناسبة”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.