أطلقت “كاسا – Casa”، وهي شركةٌ ناشئةٌ تأسست منذ 6 أشهرٍ وتساعد المستهلكين على توفير تخزينٍ آمنٍ للعملة الرقمية، أول منتجٍ لها لتحصد من خلال هذا الاستثمار الجديد 2.1 مليون دولار. ويشارك في تمويل هذه المؤسسة شركة رأس المال المجازف “ليرر هيبو” و”كومباوند” و”بوست في سي”.

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، جيريمي ويلش، إن هذه الشركة قائمةٌ على “برمجية هودل استثنائية”، في إشارة إلى المصطلح المفضل لدى مجتمع العملة الرقمية المستخدم لوصف إستراتيجية الشراء والامتلاك الاستثمارية. وتقدم كاسا خدماتها للأشخاص الذين يملكون بين 400 ألف و10 ملايين دولارٍ من الأصول الرقمية، وتوفر لهم محفظةً رقميةً تفرض على المستخدمين توقيعًا إلكترونيًا من 3 أجهزةٍ مختلفةٍ لنقل هذه الأصول.

يكمن هدف ويلش في خلق وسيلةٍ تتيح للعملاء إدارة المفاتيح الخاصة بهم بسهولةٍ، أو بعبارة أخرى التصرف في تلك المجموعات من الأرقام والحروف التي تمكنك من نقل العملة الرقمية. وعند انطلاق عمل المؤسسة، ستكون البيتكوين الأصول الرقمية الوحيدة التي ستدعمها الشركة. كما تخطط كاسا لإضافة عملة الإيثريوم، التي تعد ثاني أكبر شبكة تشفيرٍ، في الربع الثاني من سنة 2018. ثم سيعقبها دعم الكثير من العملات الأخرى.

 

رجل مميز أمام تحدي كبير

إن ويلش رجل أعمالٍ دائم الاستثمار، إذ تراوحت أعماله على مدى السنوات العشر الماضية على نطاق واسع بين إدارة الشركات الناشئة في تكنولوجيا الإعلان، والاستثمار في السيارات الكهربائية القابلة للشحن. كما ساعد في تنظيم مؤتمر بيتكوين في ديوك بين سنة 2013 و2016، وأسس تطبيق “هوم شيرنغ”. وعندما لاحظ أن أسواق التشفير تشهد ازدهارا خلال السنة الماضية، وأن الخيارات الجيدة المتاحة أمام المستهلكين في تخزين عملة البيتكوين ضئيلة، قرر الانتقال من التركيز على شركة “هوم شيرينغ” الناشئة إلى العمل على وضع حلولٍ لتشفير المحافظ.

يعتبر تخزين العملات الرقمية بأمان تحديًا لأن هذه الأصول سهلة النقل. وقد استغل المجرمون هذه الميزة في عدة مدن، على غرار ما حصل في نيويورك وبوكيت بتايلاند. ويبدو أن تكنولوجيا المحفظات الرقمية لم تتمكن من مواكبة الطلب المتنامي على الأصول الافتراضية.

ذكر إمين غون سيرر، الأستاذ المساعد في كورنيل والمدير المشارك لمبادرة العقود الذكية والعملات الرقمية، أن “أحدث ما تم التوصل إليه في تكنولوجيا تخزين العملات الرقمية ضعيفٌ جدا”. ويمكن للمستثمرين شراء أول عملاتهم الرقمية وصرفها عبر محول العملات “كوين باز” مثلًا، ولكن لا ينصح الخبراء بترك الأصول هناك، لأنها قد تتعرض لاختراق، مثلما حدث مع منصة “أم تي غوكس”، أو ما حصل مؤخرا مع كوين تشيك. ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن لدى الكثير من التبادلات حدودٌ معينةٌ حول مقدار الأموال الذي يمكنك سحبه في اليوم الواحد.

 

مميزات المحفظة الجديدة

تمكنك أجهزة “المحفظة الملموسة”، التي يوفرها بعض المزودين على غرار “ليدجر” أو “تريزور” من تخزين العملة الرقمية خارج شبكة الإنترنت، ولكن إذا فقدت المحفظة وكلمة السر الاحتياطية لاستعادة حسابك، فلتندب حظك. في المقابل، تستخدم كاسا عملية تسمى “البروتوكول الجليدي” (glacier protocol)، وهي طريقة معقدة شبيهة بالمقاربة الأصلية للتوأم وينكلفوس في تخزين أجزاء مختلفة من كلمات السر في أماكن مختلفة في جميع أنحاء البلاد.

وتنشئ منتجات كاسا خمسة مفاتيحٍ لتخزين الأصول الافتراضية للعميل. ويحتفظ المستخدم بإحداها داخل هاتفه الخاص، فيما تحتفظ كاسا بآخر كآلية استرداد، في حال ضاع المفتاح. ويتم تخزين المفاتيح الثلاثة الآخرين على محافظ ملموسةٍ لتريزور أو ليدجر، (مع العلم أن كاسا قادرةٌ على التكامل مع المحفظتين). ومن بين المفاتيح الثلاثة، توصي مؤسسة كاسا بإبقاء أحدها في المنزل، والآخر في المكتب، وإيداع الآخر في صندوق ودائعٍ آمنٍ في البنك الذي تتعامل معه.

عندما تريد نقل الأصول الرقمية الخاصة بك، تحتاج إلى توقيعٍ إلكترونيٍ باستخدام 3 من تلك المفاتيح الخمسة المختلفة، ما يعني أنه يجب توصيل المحافظ الملموسة بجهاز كمبيوتر. وإذا كنت في المنزل، فيمكنك التوقيع عبر التطبيق الموجود على هاتفك الخاص، والتوقيع عبر المحفظة التي تمتلكها في المنزل، ومن ثم نقلها إلى البنك أو المكتب للتوقيع باستخدام المفتاح الثالث.

حيال هذا الشأن، قال ويلش أنه في هذه الحالة “لن يتمكن مجرم يضع مسدسًا على رأسك من إجبارك على تحويل كل ما تملكه من مال إلى حسابه”، لأن هذا المجرم سيحتاج حتما إلى مرافقتك إلى البنك أو المكتب الخاص بك. وقد ركزت “بيتغو“، وهي شركة ناشئة مقرها سان فرانسيسكو مختصة في المحافظ الرقمية، على مساعدة الشركات في تخزين العملات الرقمية بشكل آمنٍ. وتتبع هذه الشركة مقاربة “تعدد التوقيعات”، غير أنها تطلب من العملاء تسجيل الدخول عبر اثنين من نقاط المراقبة الثلاثة.

وتستهدف كاسا أصحاب الأصول الباهظة والمكاتب العائلية، وتقدم لهم خدمات مكلفة؛ حيث أورد  ويلش أن رسومه السنوية ستكون في نطاق خمسة أرقام، رافضًا تقديم المزيد من التفاصيل. ستوفر هذه الشركة المساعدة كامل الأسبوع وعلى مدار اليوم عبر الهاتف. ولغاية الآن، قدمت المؤسسة الخدمة لبعض الزبائن الذين دفعوا المستحقات، بينما تضم قائمة الانتظار أكثر من 100 آخرين، الذين من المتوقع أن توفر لهم هذه الخدمة هذا الشهر.

انتدبت الشركة مؤخراً موظفين رفيعي المستوى، أولهما جيمسون لوب، وهو مهندسٌ معروفٌ في “بيتغو” سبق أن أعلن نفسه “سايفربنك” أو المدافع عن الخصوصية الرقمية. وحول قرار التحاقه بالمؤسسة، قال لوب “إن أفضل شيء يمكنك العمل عليه هو وضع حل لمشكلةٍ تعاني منها شخصيا”. أما المنتدب الثاني فهو بسكوت هورف، المصمم الرائد سابقًا في تطبيق التعارف “تيندر”.

 

تحديات كبيرة

ولكن، تواجه كاسا تحدياتٍ كبيرةٍ، تتمثل إحداها في إقناع العملاء بالتقيّد بالتوجيهات وتخزين المفاتيح في مواقع ماديةٍ مختلفةٍ. وحسب الأستاذ المساعد في كورنيل، إمين غون سيرر، يمكن أن تنشأ مشكلة إذا سلك المستخدمون الطريق المختصرة،  فقد “يقول أحد المستخدمين: حسنا، سأقوم بوضع محفظتي تريزور الإضافيتين بجانب بعضهما البعض على الرف، ولكنه إن فعلت ذلك فأن تخدع نفسك حيال تمتعك بأمنٍ إضافيٍ”. أما إذا خبأت محفظتين والهاتف في المنزل، فإن ثلاثة من خمسة مفاتيحٍ اللازمة لنقل الأصول ستكون موجودةٌ في نفس المكان، ما يجعلها عرضة للسرقة.

تراهن كاسا على أن العملاء سيرغبون في تحمل مسؤولية إدارة مفاتيحهم الخاصة والعمل عليها. في هذا السياق، قال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيتغو، مايك بيلش،”إن التحدي الأكبر هو الطبيعة البشرية. فماذا لو كان لديك بنك يحل هذه المشاكل، ويوفر لك الشفافية، ولم تكن ملزمًا على التعامل مع مسألة تخزين المفتاح؟”. مؤخرًا، أعلنت بيتغو  أنها تكتسب ثقة المملكة “Kingdom Trust”، وهي حضانةٌ منظمة، حيث يمكن للمستخدمين الاحتفاظ بالأصول الرقمية.

وفي الوقت الحالي، تركز بيتغو على بيع المنتجات للشركات، بينما تستهدف حلول الحضانة لكوين باز الجديدة مستثمري المؤسسات. ولكن، يمكن استخدام بيتغو من قبل المستهلكين، وهي تقدم خدماتها للمستثمرين من خلال شراكتها مع بيتكوين للمعاش التقاعدي. كما يسهل تصور وجود أوصياء آخرين يستهدفون السوق الاستهلاكية.

هل سيبقى سوق كاسا سوقًا محدودةً؟ يشبه تشارلز هدسون، الشريك الإداري في شركة رأس المال المجازف “بريكورسر” والمستثمر في كاسا، هذا الوضع بالأشخاص الذين يستخدمون برمجيات إدارة كلمة السر. وفي هذا الصدد، أوضح هدسون “من السهل التحلي بالكسل واستخدام كلمة المرور نفسها في كل وقت. ولكن الشخص لا يتفطن إلى أهمية اعتماد عاملين للمصادقة أو إلى مدير كلمة سر، إلا عندما يتعرض للسرقة”.

فيما يتعلق بجوهر سايفربنك الحقيقي، يرى فريق كاسا أن مسألة إدارة المفاتيح الخاصة بك مسألةٌ فلسفيةٌ. وتجدر الإشارة إلى أن الرؤية الأصلية للبيتكوين كانت تتمثل في اعتبارها أصولًا يمكن التحكم بها كليًا، دون إشراف من بنكٍ أو حكومةٍ، لذلك ترغب كاسا في المحافظة على هذه الصورة.

يبدو أن ويلش كان على وعي بأن الأفراد لا يريدون تخزين مفاتيح التشفير الخاصة بهم، مؤكدًا أن “الطريقة الآمنة الوحيدة لاستخدام البيتكوين تكون عبر إدارة المستخدم للمفاتيح”. في المقابل، يبدو جيمسون لوب شديد الحماس حيال هذه القضية، حيث قال “سنحتاج إلى أن نشرح للناس هذه الأيديولوجية حول الاعتماد على الذات وتحمل المسؤولية الشخصية. وأعتقد أن هذه ستكون إحدى مهام الشركة”.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.