بعدما طالب بيل غيتس، المؤسِّس المشارك لشركة مايكروسوفت، مؤخراً شركة آبل ببناء “باب خلفي” في أجهزتها النقالة آيفون (أي فك شفرة الهاتف) لكون الحكومة ستطلب ذلك الأمر على أي حال، فإنه يحذِّر الآن من أن العملة الرقمية تقتل الأشخاص.

وأوضح غيتس، كما ذكرت شبكة سي إن بي سي أثناء جلسة  “اسألوني عن أي شيء” على منتدى ريديت، الثلاثاء 27 فبراير/شباط 2018، أنه يعتقد أن العملة الرقمية سيئة بالفعل لأنها تُساعد وتُحرِّض الأشخاص الذي يرغبون في الحفاظ على سرية تعاملاتهم المالية من الحكومة. وبدا غيتس قَلِقاً على الأخص بشأن ما إذا كانت ثورة سلسلة الكتل هي في الغالب ثورةٌ في الجرائم المالية والإرهاب وتجارة المخدرات، لذلك فإنها تقتل الأشخاص “بطريقة مباشرة إلى  حدٍّ ما”، وفق ما ذكر موقع Gizmodo.

 

كيف تشكل كل هذا الخطر؟

وقال: “السمة الرئيسية للعملات الرقمية هي هويتها المخفية. لا أعتقد أن هذا أمرٌ جيد. فقدرة الحكومات على اكتشاف غسيل الأموال والتهرُّب الضريبي وتمويل الإرهاب هو أمرٌ جيد”.

وتابع: “أما الآن فالعملات الرقمية تُستَخدَم لشراء الفينتانيل (دَوَاءٌ مُسَكِّنٌ) ومواد مُخدِّرة أخرى، لذلك فهي تكنولوجيا فريدة في تسبَّبها بوفياتٍ بطريقةٍ مباشرةٍ إلى حدٍّ ما. أعتقد أن موجة المضاربات على الإصدارات المالية للعملة والعملات الرقمية بالغة الخطورة بالنسبة لأولئك الذين يتعاملون بها”.

ومن الناحية الموضوعية، لا يمكن اعتبار غيتس مخطئاً في ذلك – فمجال التشفير مليء إلى حد التخمة بالسرقة الصريحة ونظم التلاعب بقيمة الأسهم، في حين تدعي السلطات أن المجرمين في كل أرجاء العالم يخفون أرباحاً بالمليارات في عملاتٍ مختلفة.

وصحيحٌ أن النقود الورقية، من الناحية التقنية، مجهولة المصدر بصورة غامضة، بمعنى أنها تُتداول بحريةٍ دون أن يجري تعقُّبها في كل الأوقات، لكنها أصعب بكثير في نقلها سراً من تلك الرقمية (إذ يجب عليك حمل النقود الورقية، وهو صعبٌ عملياً، كما يَصعُب نقلها عبر المؤسسات المالية التي تراقبها الحكومة).

إذ يبدو أيضاً أن أنواعاً جديدة من العملة الرقمية قد ظهرت في أعقاب البيتكوين، ولديها خصائص ملائمة للجرائم مثل تمتعها بقدرٍ أكبر من إخفاء الهوية وسجلات المعاملات الخفية.

لكن هذا التحول صار مقوَّضاً نوعاً ما بكون البيتكوين باهظة القيمة بالنسبة للمجرمين، ومن جانب آخر ببدء تحسن السلطات في مجال تعقب وإفشال المجرمين الذي يحاولون إخفاء هويتهم بالتشفير.

 

الإتجار بالمخدرات والإرهاب

وهناك حقيقة أن بعض الجرائم التي ألمح إليها غيتس، مثل الإتجار بالمخدرات والإرهاب، لها عنصر مادي لا يمكن الاستغناء عنه.

فإذا كنت تاجر مخدرات أو إرهابياً، فعند مرحلة ما ستضطر إلى التعامل فعلياً مع مخدرات أو أسلحة أو قنابل، وعمليات الدفع أو التمويل هي فقط جزء واحد من المعادلة حول كيف يمكن للشرطة تَعقُبك.

يمكن للسلطات أيضاً كبح النشاط المشفر غير الشرعي عن طريق محاولة الوصول إلى النقاط الصلبة حيث تتلاقي سلسلة الكتل للضرورة في الحياة الفعلية، مثل التبادلات حين تتحوَّل العملات الرمزية إلى أموال نقدية، ويبدو أنها بالفعل تقوم بذلك.

في البلدان الأكثر ثراءً، يهبط معدل الجريمة بصورةٍ كبيرة، ربما يعود الأمر جزئياً إلى أن السلطات أفضل في قدرتها على استخدام التكنولوجيا في محاربة الجريمة من استخدام المجرمين لها لزيادة معدلاتها. ومشاكل مثل وباء الأفيون أيضاً هي أعمق بكثير من طريقة الدفع المستخدمة أياً كانت.

لذلك، فمرة أخرى غيتس ليس خاطئاً، لكن بدلاً من انهيار الحكومة المنظمة والانحدار إلى عالم سفلي خيالي بائس، فمن الصعب للغاية تحديد الأثر الحقيقي للتشفير على سلامة العامة. لكن المهم أن هناك أسباباً وفيرة للتشكيك في أن العملة الرقمية ليست لها علاقة بغسيل الأموال أو الإرهاب، مثل هوسها الخزامي – دورتها المتباينة انكماشاً وصعوداً والتي تشير بشكل متزايد إلى زعزعة استقرار الاقتصاد الفعلي، أو كيف يعتمد جزءٌ لا يمكن إغفاله من السوق على أشخاص يستغلون قانونياً المخدرات، ويعتقدون أن بإمكانهم دفع الأسعار للزيادة لتحقيق ثراء سريع.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.