اقتحمت عملة البيتكوين قارة أفريقيا من خلال جيل جديد من الشباب الطموح المهتم بالتكنولوجيا، والمتعطش في الوقت ذاته للاستثمارات البديلة. ليس هذا فحسب، ففي الوقت الحالي، انتقلت الشركات في أفريقيا إلى استخدام تقنية البلوكتشين بهدف حل العديد من المشكلات المحلية التي تواجههم. ومع مرور الوقت، أصبحت تقنية البلوكتشين تُستخدم على نطاق واسع، كما أنها آمنة وتدعم تبادل العملة المشفرة.

وعلى الرغم من تقلب قيمة عملة البيتكوين، إلا أنها قد تقود التحول القادم في القارة الأفقر في العالم. لذلك، يبدو أن تقنية البلوكتشين تقف حالياً على مفترق طرق. وفي هذا الصدد، قال مؤسس الأصول الرقمية لقارة أفريقيا، نيل بلازيفيتش، إن “الدور القادم ستلعبه الحكومات، فإما أن تظل أفريقيا محاصرة في نطاق مشاكلها، أو أن تصبح أكثر حداثة، وذلك من خلال تبنّي التقنية الجديدة، البلوكتشين”.

في الوقت الحاضر، تعاني الدول الأفريقية من انعدام الاستقرار وضعف في البنية التحتية الأساسية والمالية. ومن الممكن أن تحقق تقنية البلوكتشين نجاحاً غير مسبوق في مثل هذه الظروف، بسبب عمليات التبادل المشفرة والآمنة.

وأكد بلازيفيتش أنه “يمكن استخدام البلوكتشين في حال انعدام الثقة بين أطراف متعددة من قطاعات مختلفة، أو عندما يكون هناك تعارض في المصالح بين هذه الأطراف.

بناء على ذلك، تستطيع هذه التقنية أن تقلل من حجم الفساد في المعاملات المالية، وترفع من مستوى الشفافية. فضلا عن ذلك، تستطيع البلوكتشين اختصار الوقت اللازم لإجراء هذه المعاملات”.

من جهة أخرى، يمكن التغلب على انعدام الثقة في التعامل من خلال البلوكتشين. فعلى سبيل المثال، تُستخدم هذه التقنية لتسجيل الأراضي بهدف التصدي لعمليات الاحتيال العقارية. وفي الوقت ذاته، تستطيع هذه التقنية إضفاء مقدار من الثقة على المعاملات المالية، حيث تنظم تحويل الأموال، وطرق الدفع المختلفة. ومن خلال دعم استخدام العملات المشفرة، توفر البلوكتشين وسائل عمليّة لتحويل رؤوس الأموال في هذه المناطق غير الآمنة على المستوى المالي.

 

تأثير على المدى البعيد

خلال السنة الماضية، أعلنت المحكمة الدستورية العليا في كينيا أن الانتخابات الأخيرة تعتبر “ملغاة”، بسبب العطل الذي أصاب آلات التصويت. ومن هذا المنطلق، يمكن إنشاء نظام للتصويت قائم على البلوكتشين، الذي من شأنه أن يغرس الثقة في نتائج الانتخابات، وكذلك في المؤسسات الديمقراطية في القارة السمراء.

وفي هذا الصدد، أكد كل من المدير التنفيذي لمركز تقنية البلوكتشين التابع لكلية لندن الجامعية، باولو تاسكا، ونائبه، جيفري غوديل، أن تأثير تقنية البلوكتشاين سيكون كبيرا على أفريقيا على المدى البعيد.

وأضاف تاسكا وغوديل أن “الحد من الإشراف المركزي والرقابة المركزية، سيفسح المجال للجمعيات والشركات المحلية لخلق حالة من الثقة في التعامل وفقا لشروطهم الخاصة، الأمر الذي ستكون له نتائج إيجابية كبيرة على الاقتصادات المحلية، وكذلك على حقوق الإنسان”.

في الأثناء، يرتفع عدد الشركات الناشئة، التي تعتمد على تقنية البلوكتشين في أفريقيا، والتي تحاول إيجاد حلول للمشاكل المحلية للدول الأفريقية باستخدام هذه التقنية الجديدة.

وفي الوقت الحالي، تقوم شركة Otlw في كينيا بتطوير النظام التعليمي في البلاد مستندة إلى نظام إيثريوم بلوكتشين. وفي المقابل، يهدف مشروع UBU إلى تمكين أصحاب الدخل المنخفض في جنوب أفريقيا من امتلاك العملات الرقمية المعتمدة على البلوكتشاين. وفي الوقت ذاته، يعتمد تطبيق ChamaPesa على تقنية البلوكتشين لمساعدة الجمعيات المحلية في كينيا على إدارة الحسابات.

أما في غانا، البلد المعروف بانتشار عمليات الاحتيال في بيع الأراضي، فتقدم مؤسسة Bitland خدمات تسجيل الأراضي باستخدام تقنية Bitshares blockchain، التي تسمح للغانيين بتسجيل الملكيات الخاصة بهم، ويضمنون بذلك حقوق الملكية وتأكيد إتمام المعاملات بعيداً عن السلطات المحلية الفاسدة، التي ينقصها التمويل الكافي.

في الواقع، لا يعد الوضع بهذه المثالية، ذلك أن القارة السمراء مهددة بهجرة أغلب العقول في العديد من الصناعات الموجودة فيها، ويعد مجال الطب والتمريض من أكثر المجالات المتضررة من هذه الهجرة، الأمر الذي يشكل مصدر قلق كبير لتقنية البلوكتشين في بدايتها داخل القارة الأفريقية. وفي الوقت الحالي، تناضل العديد من المدن في أفريقيا للحفاظ على المطورين الموهوبين.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك حماس واضح حول قدرة التقنية الجديدة على التغلب على كافة العوائق الموجودة في القارة. وعند تطبيقها من قبل الحكومات، ستظهر أهمية الاعتماد عليها.

وفي هذا السياق، أكد بلازيفيتش أنه “ينبغي على الحكومات توفير بيئة تنظيمية ملائمة واستخدام الموارد اللازمة لاحتضان جيل جديد من مطوري البلوكتشين، من الأفارقة”. وأضاف بلازيفيتش أن الجامعات الأفريقية عليها أن تلعب دورا أيضا في رفع وعي الخريجين حول أهمية التقنية الجديدة وأهمية الاعتماد عليها على نطاق واسع.

وحول ما إذا كانت تقنية البلوكتشين ستحقق المأمول منها، فيعتمد ذلك على اعتراف الدول الأفريقية بها كابتكار لحل مشاكلهم. ولا يمكن التغافل عن أن السمعة السيئة للعملة المشفرة بين الحكومات والشركات الأفريقية ستلقي بظلالها على تقنية البلوكتشاين. وتجدر الإشارة إلى أن البلوكتشين تحوي العديد من التطبيقات المفيدة، حيث تمثل البيتكوين واحدة منها.

وفي حال لاقت البلوكتشين قبولا واسعا في أفريقيا، فلا شك أنها ستساعد الدول الأفريقية على إعادة هيكلة بنيتها التحتية في زمن قياسي، وتخطي كافة الحواجز التي ستعترضها.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.