امتد التحالف بين حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وشريكه بحكم الواقع، حزب الحركة القومية، إلى ميدان غير متوقع يشمل فكرة تطوير عملة بيتكوين خاصة بتركيا.
ففي خضم صعود عملة البيتكوين خلال السنة الماضية، اتخذت الحكومة التركية موقفاً غير مرحب بالعملات المشفرة. فضلاً عن ذلك، شبّه الوزراء هذه العملات بالتسويق الهرمي، كما حذروا المواطنين الأتراك من أجل الابتعاد عن هذا الميدان.
في المقابل، أوضح حزب الحركة القومية أنه بدلاً من رفض الخوض في عالم العملات المشفرة، يجب أن تضع أنقرة تشريعات لتنظيم هذه السوق والسيطرة عليها. وحيال هذا الشأن، أعدّ نائب رئيس حزب الحركة القومية التركية، أحمد كنان تانريكولو، الذي كان يشغل منصب وزير الصناعة السابق في البلاد، تقريراً لمقترح عملة رقمية مدعومة من الدولة تحت اسم “ترك كوين”.
في هذا السياق، قال أحمد كنان تانريكولو، في حوار له مع موقع المونيتور إن “عدم الاستفادة من البلوكتشين، تلك التكنولوجيا الكامنة وراء العملات المشفرة، سيكون خطأً فادحاً”. وأضاف تانريكولو أن “العالم يسير نحو نظام رقمي جديد، ويجب على تركيا أن تخلق نظامها الرقمي وعملتها الرقمية قبل فوات الأوان”.
كما أكّد السياسي أن “العملات المشفرة هي قيد الاستخدام بالفعل في تركيا، على الرغم من عدم وجود إطار قانوني لها”، ومشيرا إلى “أن هذا القطاع بحاجة إلى التنظيم، فضلاً عن أنه يجب منع استخدام هذه العملات في نشاطات غير مشروعة”.
وأردف المصدر ذاته: “نحن بحاجة إلى إنشاء بنية تحتية خاصة لبناء قاعدة بيانات البلوكتشين، نظراً لأن هناك حوالي 1400 عملة رقمية في العالم اليوم، علاوة على أن العديد من البلدان تستخدمها. لذلك، يمكننا أن نطلق عملة رقمية خاصة بنا، بالتعاون مع شركات الصندوق السيادي. ونظراً إلى أن هناك طلبا عليها، يجب علينا إنشاء وإطلاق عملتنا الرقمية الخاصة، إذ أن معارضة تلك العملات لن يجدي نفعاً. وفي الواقع، تتطلب هذه القضية الوطنية توافق آراء وطني”.
من جانب آخر، لفت تقرير تانريكولو، الذي يتضمن 22 صفحة، الانتباه الى الفراغ القانوني الذي يشهده هذا الميدان. وقد جاء في نص هذا التقرير ما مفاده أن “قانون العقوبات التركي يتضمن مادة تنص على أنه لا يمكن معاقبة أي شخص…على أعمال لا تعتبر بصفة علنية بمثابة جريمة قانونية. واستناداً إلى هذه المادة، يمكن اعتبار استخدام العملات المشفرة قانونياً لأن قانوننا لا يتضمن أي حظر لها”.
وأضاف التقرير أنه “نتيجة لذلك، لا تعد عمليات الشراء والبيع عن طريق العملات المشفرة، وخلق النقود من خلال عمليات تعدين عملة البيتكوين، ضمن نطاق النشاط الإجرامي في تركيا اليوم. فضلاً عن ذلك، تقبل العديد من الشركات الدفع عن طريق العملات المشفرة، بالإضافة إلى الارتفاع السريع لعدد العملاء الذين يستخدمون تلك العملات”.
بورصة للعملات المشفرة
علاوة على ذلك، يقترح التقرير أيضا إنشاء بورصة بيتكوين تسيطر عليها الدولة. وفي سياق متصل، جاء في هذا التقرير أن “الحد من التهرب الضريبي وغسيل الأموال وجرائم النصب والاحتيال، يجب أن تمثل الأولوية للعمل على وضع لوائح جديدة. كما أن إدخال لوائح تنظيمية بعد تقييم جميع أنواع المخاطر، من شأنه أن يمكننا من توليد عائدات من سوق العملات المشفرة، وخاصة من البيتكوين. وفي هذا السياق، تحتاج البلاد إلى بورصة بيتكوين ولائحة من التشريعات لتنظيم هذا المجال”.
وبالفعل، بدأت وزارة المالية ومجلس أسواق رأس المال في تركيا العمل على الفراغ القانوني الذي من المتوقع أن يؤدي إلى وضع لوائح تنظيمية جديدة. في هذا الصدد، أفاد تانريكولو أن “حزبه سيقدم دعماً برلمانياً لمشاريع قوانين تهدف إلى تنظيم قطاع العملات المشفرة والضرائب المفروضة عليها”.
وعلى الرغم من أن الحكومة لا زالت تحافظ على موقفها حول الاستثمار في البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية، إلا أنه يبدو أن موقفها تجاه إطلاق عملة مشفرة وطنية له مستقبل واعد. وأثناء مقابلة أجراها في السابع من شباط/فبراير، أفاد نائب رئيس الوزراء، محمد شيمشك، الذي يشرف على الاقتصاد، أن “الحكومة ستشرع في الاستعدادات لإطلاق عملة مشفرة وطنية”.
وأضاف المصدر ذاته أن “استخدام العملات المشفرة لا يزال غير قانوني، ومحفوفاً بالمخاطر في تركيا في الوقت الحاضر. في المقابل، قال شيمشك: “نحن نخطط لبدء عملنا على العملات المشفرة ونعلق أمالا كبيرة على هذه التقنية الرقمية”.
استثمارات تركية
في هذا الإطار، استثمرت شركة تركية بالفعل في مشروع لإنشاء عملة مشفرة محلية. وتجدر الإشارة إلى أنها تخطط لجعل هذه العملة متاحة قريباً. وفي اقتراح لحزب الحركة القومية، سوف تلعب الكثير من الأصول العامة الكبيرة دوراً في صندوق الثروة السيادي التركي على غرار؛ الخطوط الجوية التركية، وبورصة إسطنبول، وشركة خطوط الأنابيب الحكومية التركية (بوتاس)، وترك تيليكوم، وبنك زراعات التركي، واليانصيب الوطني، ودور بوليصة التأمين.
كما ستكون حجم الاستثمارات في العملة، على الأقل، بقدر تلك الأموال التي تضعها تلك الشركات في صندوق الثروة السيادي. لكن، قد لا تصل الأرباح إلى 1،700 بالمائة، على غرار ما تحققه البيتكوين سنويا، فضلا عن أن خطر حدوث تراجع بنسبة 70 بالمائة خلال شهر، سيكون أيضا غير موجود.
وعلى هذا النحو، سوف تكون عملة “ترك كوين” شبيهة بالأوراق المالية المدعومة من قبل الأصول الحكومية على خلاف العملات المشفرة الحالية.
وبعد الثورة العالمية التي أحدثتها، شهدت العملات المشفرة هزة ضخمة خلال الشهر والنصف الماضيين. وقد انخفض سعر عملة البيتكوين، الذي ارتفع إلى حوالي 20 ألف دولارا خلال شهر كانون الأول/ديسمبر، إلى أقل من ستة آلاف دولار في أوائل شهر فبراير/ شباط، قبل فترة الانتعاش النسبي الذي عرفته هذه العملة منذ ذلك الحين.
وفي خضم حالة الذعر التي أصابت المستثمرين، بدأت القصص الدعائية تظهر على المواقع التركية حول الأشخاص الذين يتمتعون بثروة من البيتكوين. وقد تصدرت عدة عناوين هذه المواقع، على غرار “كيف جعلني تراجع قيمة عملة البيتكوين مليونيراً في سن السادسة والعشرين” . في الحقيقة، يعد العمل على إضفاء الحيوية على عملية الطلب، العامل الأكثر أهمية الذي يحافظ على صمود العملات المشفرة.
وبعد التراجع الأخير التي شهدتها قيمة العملات المشفرة، تساءل الكثيرون عما إذا كان للعملات المشفرة مستقبل واعد حقاً؟ وهل يمكن أن تتراجع قيمتها أكثر؟ وفي حين ستجيب عملية الطلب في هذه السوق على السؤال الثاني، أجاب العملاق المالي “جي بي مورغان” عن السؤال الأول، حيث توقع أنه من غير المرجح أن تختفي العملات المشفرة تماماً.
فضلا عن ذلك، أشار “جي بي مورغان” إلى أنه يمكن لهذه العملات الاستمرار من خلال اتخاذ أشكال مختلفة بين الجهات التي ترغب في تحقيق المزيد من اللامركزية، وشبكات الند للند، والعمل في سرية تامة، حتى وإن كان هذا المجال محفوفا بالمخاطر”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.