تعد العملة التي يسعى خلفها هؤلاء اللصوص مشفرة، ولكنهم يسرقونها بأسلحة حقيقية.
في منتجع بوكيت في تايلاند، اختطف مجموعة من المعتدين شابا روسيا، خلال شهر يناير/كانون الثاني 2018، وعصبوا عينيه واصطحبوه إلى إحدى الشقق، ثم أجبروه على الولوج إلى حاسوبه الشخصي وتحويل بيتكوين بقيمة 100 ألف دولار إلى أحد المحفظات الرقمية التي يمتلكونها.
وقبل ذلك بأسابيع قليلة، تعرض رئيس شركة لاستبدال البيتكوين في أوكرانيا لعملية خطف، ليعلن الخاطفون فيما بعد أنه سيظل رهينة عندهم، ولم يطلقوا سراحه حتى دفعت شركته فدية بعملة بيتكوين قيمتها مليون دولار.
أما في مدينة نيويورك، ظل رجل أسير أحد أصدقائه حتى حوّل له مليون و800 ألف دولار بعملة إيثريوم، التي تحتل المركز الثاني من حيث القيمة بعد البيتكوين، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
كبار المستثمرين بالبتكوين هدفاً
في الماضي، كان الأثرياء يخشون التعرض للسرقات والابتزاز، وفي الوقت الحاضر أصبح كبار المستثمرين في عملة البيتكوين هدفا سائغا للمجرمين، خاصة بعد أن قفزت قيمة العملة خلال السنة الماضية.
في الحقيقة، تتم عملية تحويل العملة المشفرة إلى حساب أحد المجرمين دون أي عوائق؛ فبينما تستطيع البنوك أن تعيد أو توقف أحد التحويلات الإلكترونية الجارية، لا توجد جهة تسيطر على البيتكوين حتى تتمكن من استرجاع ما تم نهبه، مما يزيد من فرص نجاح هؤلاء الأشخاص الخطيرين في مساعيهم.
مؤخرا، تكررت حالات الاختطاف المتعلقة بسرقة العملة المشفرة في عدة دول، على غرار روسيا، أوكرانيا، تركيا، كندا، الولايات المتحدة وبريطانيا.
جرائم العملات المشفرة
وقال مؤسس شركة تشيناليسيس، جوناثان ليفين، “إن هذه الجرائم أصبحت واسعة الانتشار، وقد أصبحت قوانين الجرائم المنظمة وجرائم العنف على المستوى المحلي غير قادرة على مواجهتها”.
وتتعاون شركة تشيناليسيس مع المؤسسات المعنية بتنفيذ القانون فيما يتعلق بجرائم العملات المشفرة. وتتخصص الشركة التي أسسها ليفين في تقصي المعاملات التي تتم على خلفية إجرامية من خلال البلوكتشاين، حيث يقوم دفتر الحسابات الإلكتروني بتسجيل كافة العمليات التي تُجرى باستخدام عملة البيتكوين.
خلال الفترة الأخيرة، ساعدت شركة تشيناليسيس الشرطة في تعقب عدد من العمليات الإجرامية. وقال ليفين “إن بعض هذه العمليات لم يتم الإعلان عنها”. وعلى عكس البنوك، من الممكن ألا تحمل الحسابات الخاصة بالمجرمين على شبكة البيتكوين هوية أصحابها الحقيقية، وبهذا، تواجه الشرطة صعوبة حقيقية في تعقب هذه الحسابات.
وأكد المحقق في مركز شرطة تشالونغ، تشانوت هونغسيثيتشايكول، المسؤول عن التحقيق في حادث منتجع بوكيت، أنه “من الصعب التأكد من هوية الجناة في هذه القضية”. “لقد سألنا الضحية عن كيفية تتبع هؤلاء المجرمين لأنه على دراية أكثر منّا بعالم البيتكوين، كما سألناه عن كيفية معرفة هوية متلقي التحويل، فأجابنا بأنه من المستحيل معرفة ذلك”.
وبدلا من تتبع التحويل، قامت شرطة تايلاند بتتبع الحاسوب الشخصي للضحية، الذي سُرق أيضا، ولكنه نُقل إلى مدينة كوالالمبور في ماليزيا، ما جعل الاستمرار في التحقيق أمرا صعبا.
سرقة المحافظ الرقمية
تنبئ موجة الجرائم الأخيرة بمستوى جديد من العنف، الذي سيستهدف أصحاب العملة المشفرة لعدة سنوات قادمة. كما بدأ المجرمون حملة جديدة تهدف إلى سرقة أرقام هواتف أشهر حاملي العملة المشفرة من أجل سرقة محافظهم الرقمية.
ومنذ عدة سنوات، أسست مجموعة من الملاك الأوائل لعملة بيتكوين فرقة للتدخل السريع يقع استدعاؤها إلى منازلهم في حال طالبهم بعض الأشخاص بإجراء تحويلات كبيرة من عملة البيتكوين.
وبالفعل، تم توثيق العديد من الحالات التي حاول فيها بعض الأشخاص تحويل البيتكوين التي سرقوها إلى نقود ورقية، وكانت إحداها السنة الماضية في بالم بيتش بولاية فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نجح اللص في تحويل قرابة 28 ألف دولار قبل أن يتم إلقاء القبض عليه. وبعد الارتفاع الكبير في قيمة البيتكوين، ازداد عدد المجرمين بصورة ملحوظة.
أعنف الهجمات الإجرامية
وتعرضت شركة إكسيمو في أوكرانيا، المختصة في تحويل العملة المشفرة إلى عملة نقدية، لأعنف الهجمات الإجرامية على الإطلاق. حيث أختُطف المدير التنفيذي للشركة، بافل ليرنر، بعد عيد الميلاد بيوم واحد، وبعد أن حولت الشركة للخاطفين بيتكوين بقيمة مليون دولار، أطلقوا سراح ليرنر. وقالت المتحدثة باسم الشركة إن ليرنر دفع الفدية من أمواله الخاصة، وقد آثر ليرنر بعدها مغادرة الشركة ولكنه عدل عن قراره فيما بعد.
وفقا لتقارير إخبارية محلية، قام مجموعة من المسلحين بقطع طريق سيارة رجل أعمال تركي في إسطنبول، وأجبروه على إعطائهم كلمة المرور الخاصة بمحفظته الرقمية، التي كانت تحوي بيتكوين بقيمة ثلاثة ملايين دولار.
ومن الواضح أن هؤلاء المجرمين كانوا على دراية بما يملكه رجل الأعمال التركي. وصرح العديد من حاملي العملة المشفرة المشهورين أنهم لن يسافروا مرة أخرى إلى تركيا أو روسيا أو أي دولة تحدث فيها هذه الجرائم المنظمة.
هجمات مسلحة
إلى جانب هذه الأعمال الإجرامية، حدثت هجمات مسلحة مماثلة على شركة كندية لتحويل البيتكوين في مدينة أوتاوا.
كما تعرض مستثمر كبير لعملة إيثريوم في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة، وأحد الأشخاص المعروفين بالتجارة في العملة المشفرة في مدينة أوكسفورد في إنجلترا لحوادث مماثلة.
وفي بعض الحالات، تمكنت السلطات من الإمساك بالجناة، وإجبارهم على إعادة البيتكوين الذي سرقوه، ولكن يرجع الفضل في ذلك إلى تسجيلات الكاميرات، بينما مازال العديد من الجناة فارين من العدالة.
لقد تسببت قضايا سرقة البيتكوين التي لم يتم حلها حتى الآن، في نشر حالة من الذعر بين أثرياء العملة المشفرة الذين نمت ثرواتهم بشكل ملحوظ خلال السنة الماضية.
اجتماع “ساتوشي” السري
وفي هذا الشهر، اجتمع قرابة 170 شخصا من أثرياء البيتكوين لمناقشة كيفية التصدي لعمليات السرقة والابتزاز والاختطاف، التي ينفذها المجرمون بهدف الحصول على البيتكوين أو أي عملة مشفرة أخرى.
ويعرف هذا المؤتمر باسم “اجتماع ساتوشي”، الذي يعقد بالقرب من مدينة كانكون في المكسيك. ويخضع الحاضرون للاجتماع إلى تدابير أمنية مشددة، فضلا عن إضفاء طابع السرية على الشخصيات الحاضرة، من أجل حمايتهم من المجرمين أثناء تواجدهم في المؤتمر.
وناقش الحاضرون إمكانية الاحتفاظ بمحفظة رقمية في منازلهم يطلق عليها “محفظة الإكراه”، التي لا تحتوي عملة مشفرة بقيمة عالية، ومن الممكن تسليمها إلى هؤلاء المجرمون في حال قاموا بالاعتداء على مالكي العملات المشفرة.
وناقش الحاضرون جملة من الإجراءات الأمنية، من شأنها أن تحد من هذه التهديدات.
لكن، لا يرغب أغلبية أثرياء العملات المشفرة الحديث علنا عن المخاطر التي يتعرضون لها، خوفا من أن يجعلوا أنفسهم أهدافا سهلة لهؤلاء المجرمين.
مواجهة التهديدات
ومن جهة أخرى، يرى جيمسون لوب، أحد مهندسي البيتكوين ومن مالكي العملة المشفرة أن المجتمع عليه أن يتحرك لمواجه هذه التهديدات حتى يعلم المجرمون أن المستثمرين في العملات المشفرة بصدد الدفاع عن أنفسهم ضد تهديداتهم.
في الصيف الماضي، جاء شخص يطلق على نفسه “فرقة التدخل السريع”، إلى منزل لوب لمضايقته، ومنذ ذلك الحين نشر لوب العديد من كاميرات المراقبة حول العقار الذي يقطنه، فضلا عن نشره صورا للأسلحة الآلية التي يمتلكها في منزله.
كما اتخذ لوب تدابير أمنية أخرى على غرار احتفاظه لفترة طويلة بعملته المشفرة في “محفظات رقمية متعددة المستخدمين” التي أنشأتها شركة “بيتغو” التي يعمل فيها. ويحتاج هذا النوع من المحفظات إلى موافقة عدة مستخدمين قبل إجراء أي عملية مالية.
وقرر لوب الانتقال إلى منزل جديد برفقة صديقته وكلبه. ومن خلال هذه الخطوة، لا يرغب لوب في أن يعرف أي شخص مكان إقامته الجديد، أو الاعتماد على مكتب البريد للتواصل وإرسال الرسائل. وعلى الرغم من ذلك، يرى لوب أن مخاوفه لم تنجل تماما.
وقال لوب “إذا كنت غنيا أو مالك عقار أو أسهم أو حتى مالكا لفريق كرة قدم، فلن تكون عرضة لأن يسرقك أحدهم ويأخذ فريق كرة القدم الخاص بك، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للأشخاص الذين يملكون العملات المشفرة، الذين أصبحوا هدفا سائغا لهذا النوع من المجرمين”.
بدوره، أكد ليفين أن المبرمجين بصدد تطوير عدة طرق من شأنها أن تتبع المعاملات التي تُجرى باستخدام العملة المشفرة وتنبيه السلطات المعنية بالمعاملات التي تتم بالإكراه، على غرار ذلك الزر الأحمر الذي يوجد أسفل مكتب الصراف في البنك.
كما قال ليفين إن أفضل الطرق لإحباط مخططات هؤلاء المجرمين، هي المحفظة الرقمية متعددة المستخدمين، بالإضافة إلى عدم التحدث علنا عن امتلاك عملات مشفرة.
وشدد لوب على أهمية نشر الطرق التي تساعد مالكي العملات المشفرة على التصدي للمجرمين، حتى ييأسوا من نجاح هجماتهم في المستقبل.
وأضاف “إننا في بداية المشكلة، فمازال المجرمون يحاولون تحديد الخطر الحقيقي وراء أفعالهم”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.