منذ أكثر من سنة، كانت العملات المشفرة تثير دهشة شارع المال والمستثمرين في مجال التجارة بالتجزئة. وخلال سنة 2017، ارتفعت القيمة السوقية المشتركة للعملات الرقمية من 17.7 مليار دولار إلى 613 مليار دولار عند نهاية السنة.

بعبارة أخرى، حقق هذا الارتفاع في العملات الرقمية ربحا ناهزت نسبته 3300%. لذلك، قد تمثل هذه السنة أفضل سنة لأصحاب الأصول ذات الفئة الواحدة.

في الواقع، لم تكن سنة 2018 مبشرة بالخير بالنسبة لمستقبل بعض العملات المشفرة. فبعد أن حقق رأس المال السوقي انتعاشا بلغ 835 مليار دولار في السابع من كانون الثاني/ يناير، انخفضت قيمة العملات المشفرة بنسبة 67 بالمائة لتصل إلى 276 مليار دولار في أقل من شهر.

لقد ألحق هذا التراجع الملحوظ في قيمة العملة المشفرة أضراراً بجميع المستثمرين في هذا المجال، على غرار عملة ريبل وبيتكوين، التي خسرت بين 70% و83% من القيمة العليا التي وصلت إليها هذه العملات بسبب انهيار الأسعار إلى أدنى مستوياتها.

ومع ذلك، يبدو أن العملات الرقمية تشهد فترة تحسن مرة أخرى. وعلى الرغم من أن إجمالي رأس المال السوقي لا يزال منخفضا بنسبة أكثر من 20%، مقارنة بالقيمة التي بدأ بها سنة 2018، إلا أن معظم العملات الرقمية قد ارتدت بشكل كبير عن أدنى مستوياتها.

ربما لم يسطع نجم أي من العملات الرقمية التي شهدت قيمتها أدنى مستوياتها، أكثر بكثير من عملة لايتكوين.

 

إليك ما وراء صعود قيمة عملة لايتكوين منذ أسبوعين

بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون استخدامات العملات المشفرة، فإنه يمكن استخدام الكثير من العملات المشفرة كوسيلة لتبادل السلع والخدمات، في حين ظل الاهتمام الأساسي لبعض المستثمرين منحسرا في تعزيز ملكيتهم الخاصة لتكنولوجيا البلوكتشين.

في الحقيقة، تعد البلوكتشين بمثابة قاعدة بيانات رقمية موزعة ولامركزية التي تستند إليها العملات المشفرة، والمسؤولة عن تسجيل جميع المعاملات دون الحاجة إلى وسيط مالي. ولكن، تغاضت اثنان من أكبر العملات المشفرة، وهما لايتكوين وبيتكوين، عن السعي وراء شركات البلوكتشين المتخصصة في شؤون العملاء، وعوضاً عن ذلك سلطت تركيزها تقريبا على تنمية قاعدتها التجارية.

بناء على ذلك، لماذا بات من غير الممكن إيقاف عملة لايتكوين بعد مرحلة الاستقرار التي حققتها، منذ وصولها إلى أقل من 106 دولار لكل وحدة في الثاني من فبراير/ شباط 2018؟

هناك ثلاثة عوامل محفزة على هذا النمو، إلا أن هناك عاملا واحدا لا يؤثر بشكل كبير في نسبة التقدم التي حققتها هذه العملة.

1- إطلاق وشيك لمنصة لايت باي

من المتوقع أن تكون عملية إطلاق منصة LitePay، يوم الاثنين الموافق لتاريخ 26 فبراير/ شباط، من العوامل الأساسية المحفزة التي يعود لها الفضل في الارتفاع الذي حققته هذه العملة. فخلال شهر ديسمبر/ كانون الأول، أعلنت شركة لايتكوين أنها بصدد تطوير منصة الدفع الخاصة بها من أجل تبادل عملة لايتكوين، بعد أن أعلنت منصة Bitpay الخاصة بعملة بيتكوين رفضها اعتماد عملة لايتكوين لمنصتها الخاصة في مبادلاتها.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه المنصة الجديدة على الأجهزة المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر المكتبية، ويُسمح من خلالها للمستخدمين والشركات بشراء السلع والخدمات عن طريق وحدات لايتكوين، التي يمكن بعد ذلك تحويلها على الفور إلى عملات قانونية (على غرار الدولار، الجنيه، والين…) واستخدامها في المؤسسات المالية التقليدية. والجدير بالذكر أن منصة LitePay ستُحمل المستخدمين رسوم تسوية ثابتة تقدر بنسبة واحد بالمائة عن كل معاملة.

ونظراً لأن شبكة لايتكوين تتكون من الآلاف من أجهزة الكمبيوتر المشغولة بتحويل العملة والتحقق من مدى صحتها، فضلاً عن تسوية المعاملات، فإنه لا خوف تقريباً من التقلبات التي تعيث فساداً بتجار التجزئة، كما هو الحال في كثير من الأحيان بالنسبة لعملة البيتكوين التي تستغرق وقتاً طويلاً في تسوية معاملاتها. وبما أن عمليات التحويل تجرى بصفة فورية تقريباً، فلا داعي أن يقلق تجار التجزئة من فقدان قيمة كبيرة من الوحدات التي يملكونها عند تحويل وحدات لايتكوين إلى عملات قانونية.

والأهم من ذلك، أعطت عملية إنشاء منصة دفع خاصة بها، قادرة على إتمام مهمتها بصفة سريعة، فرصة حقيقية لعملة لايتكوين لتحقيق اعتماد شامل. وهذا لا يعني أنه لا يتم اعتماد البيتكوين من قبل مستخدمي العملة الرقمية، وإنما من الواضح أن شبكتها باتت متعثرة نظراً لارتفاع عدد المستخدمين مع مرور الوقت. وفي الواقع، تعد هذه هي أول فرصة لعملة لايتكوين لتمييز نفسها عن عملة بيتكوين، التي أعتبرها منافساً أكثر من شريكاً في عالم العملات المشفرة.

 

2. توقعات خاطئة حول شوكة الثابت

مؤخراً، كانت التوقعات حول شوكة الثابت فيما يتعلق بعملة لايتكوين، أن العملة ستنقسم إلى عملتين منفصلتين في 18 فبراير/ شباط. ويعتبر “الشوكة الصلبة – hard fork” مصطلحاً يصف وضع العملة بعد ترقية بروتوكول تطبيق معين، دون أن يكون هناك إجماع حيال تلك الترقية.

ووفقاً لموقع Coindesk والموقع الرسمي الذي دفع لحدوث الشوكة الصلبة، ستتسبب الشوكة القادمة في إنتاج نوع جديد من العملة الرقمية تحت مسمى “لايتكوين كاش”. وفي ذلك الحين، ستعادل 10 لايتكوين كاش “LCC” الجديدة نحو  1,371,111 لايتكوين.

لقد شهد عالم التشفير عدداً هائلاً من الشوكات الصلبة، وكان حدوثها في الماضي يكون لصالح المستثمرين. وفي صيف 2017، ارتفع عدد مستثمري البيتكوين إلى أعلى مستوى له بسبب شوكة البيتكوين وأدت لظهور بيتكوين كاش بقيمة عالية للغاية. ونتيجة لذلك، من المؤكد أن مستثمري لايتكوين يحاولون من جهتهم الدفع في اتجاه زيادة قيمة عملتهم قبل اليوم الذي سيعلن فيه عن ارتفاع الشوكة الصلبة.

تعد كل شوكة لايتكوين، تؤدي إلى ظهور عملة جديدة تحت أي مسمى، سواء “لايتكوين كاش” أو “لايتكوين بلس” أو غيرها أحد أشكال الاحتيال باسم العملة الرقمية، التي من شأنها أن تشكك مستخدمي لايتكوين في طبيعة العملة التي يملكونها. وبالقياس، ينطبق ذلك على كل شوكة تحدث لعملة بيتكوين.

مع ذلك، فإن مؤسس عملة لايتكوين، تشارلي لي، اعتبر أن الشوكة الصلبة مجرد عملية احتيالية. وفي 29 يناير/ كانون الثاني، نشر تغريدة قال فيها “إن هناك العديد من عمليات الاحتيال التي تتم بعد كل شوكة، وينتج منها عملات أخرى على غرار لايتكوين كاش أو لايتكوين بلس أو أي أسماء أخرى تضاف لكلمة لايتكوين”. وفي هذا السياق، طالب لي أصحاب العملة المشفرة أن لا ينصتوا لمثل هذه العمليات الاحتيالية، وأن لا يتخلصوا من العملات الرقمية التي يملكونها.

وما دام ذلك صادراً عن مؤسس العملة نفسه، الذي كرس مجهوده وتفرغ لتطوير العملة التجارية لايتكوين، فمن المرجح أنه صادق تماماً. لذلك، نعتبر مؤقتاً أن “الشوكة الصلبة” مجرد شائعة زائفة.

 

3. لايتكوين تدور في حلقات أوسع حول بيتكوين

من الناحية العملية، يتضح أن لايتكوين أفضل بكثير من بيتكوين. فوفقاً لموقع HowMuch.net، الذي يجري تحليلاً كاملاً حول سرعة إجراء العمليات في الثانية الواحدة، تستطيع لايتكوين تنفيذ نحو 56 عملية في الثانية الواحدة، في الوقت الذي تقوم فيه بيتكوين بسبع عمليات في الثانية فحسب. وفي الحقيقة، قد تكون نتائج قياس سرعة إجراء العمليات في الثانية مضللة بعض الشيء لأنها تتغافل عن الوقت الكلي لإكمال كتلة العمليات.

حتى مع حساب كتلة العمليات، لا زالت لايتكوين تمتلك الأفضلية على بيتكوين، حيث يكون متوسط الوقت الكلي لإكمال كتلة العمليات عند لايتكوين دقيقتان و30 ثانية، بينما تستغرق كتلة عمليات بيتكوين قرابة 10 دقائق لتكتمل. وبالتالي، تستطيع لايتكوين توسيع نطاق شبكتها بصورة أفضل بكثير مقارنة بالبيتكوين. في المقابل، يظل الاختلاف الكبير بين العملتين هو قدرة خاصية “SegWit” أو “الشاهد المنفصل” على الاندماج عند عملة لايتكوين.

كان من المتوقع أن ترتقي البلوكتشين الخاصة بالبيتكوين، بهدف دمج الشاهد المنفصل، ما من شأنه أن يقلل من رسوم إجراء العمليات، وتسريعها، فضلاً عن زيادة قدرة العملة على إجراء عمليات أكثر. ولكن في النهاية، لم يكن هناك إجماع للمضي قدماً في هذه الإجراءات. ومع ذلك، تستطيع عملة لايتكوين تنفيذ تكنولوجيا “الشاهد المنفصل”، ما يجعلها في الوقت الحالي تدور في حلقة أوسع من بيتكوين.

وفي حال أغفلنا عمليات الاحتيال التي تجري على خلفية “الشوكة الصلبة”، من الممكن أن تأخذ عملة لايتكوين زخماً أكثر من عملة بيتكوين كوسيلة ناجعة في عمليات التبادل. ومن جانبي، أرى أنه على مستثمري البيتكوين أن يكونوا أكثر قلقاً.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.