البلوكتشين.. كيف تساعد التقنية الجديدة في الارتقاء بضمانات الجودة في مجال الإعلانات؟

تساعد قواعد البيانات المتسلسلة، التي تُعرف بـ (Blockchains)، في تغيير نماذج الأعمال الراسخة والبالية وغير الكفؤة. إلا أننا لا نراها كل يوم وهي تزيل العوائق التي تواجه هذه النماذج.

لكن ذلك هو ما يحدث فعلياً في بعض الجوانب المرتبطة بمجال الإعلانات، وخاصة فيما يتعلق بضمان الجودة.

ضمان الجودة الإبداعية

يعتبر ضمان الجودة من الأدوار المنتقصة غالباً في إعلانات الإنترنت، لكنها في الحقيقة تحمل قدراً من الأهمية في ظل عديد من الأجزاء المؤثرة التي تتكون منها، يعتبر أحد هذه المكونات هو ضمان الجودة الإبداعية.

في ظل انتشار الصور والمتطلبات المختلفة للإعلانات، تواجه وكالات الإعلانات الإبداعية والناشرون الذين تخدمهم هذه الوكالات، تحديات تتعلق بحصول كل الأشخاص يحصلون على توقعاتهم. فالناشر يجب أن يحصل على الإعلانات التي تتناسب مع متطلباته من حيث حجم منصة النشر، وأيضًا ألا تعترض هذه الإعلانات تجربة المشاهدين وتوقعاتهم من هذه المنصة.

أما على مستوى وكالة الإعلانات، ترغب الجهات التنفيذية والعملاء أن يتأكدوا من أن إعلاناتهم تُعرض بطريقة ملائمة عبر نطاق واسع من أجهزة العرض، بما في ذلك الهواتف الذكية، والمتصفحات، وأنظمة التشغيل المختلفة. كما يريدون أيضاً أن يتأكدوا من أن إعلاناتهم تُعرض للجمهور المناسب، وذلك استناداً إلى عدد من المعايير التي اتفقوا عليها مع منصة النشر.

يساعد ضمان جودة الإعلانات الذي يدار بالصورة الملائمة في أن يكفل هذه الأمور، وهي في الحقيقة تبدأ قبل مراحل كثيرة من وصول أي إعلان إلى شاشات العرض.
ثمة قوائم طويلة ينبغي على المعلنين ومنصات النشر ملئها لدى التحضير لعرض أي إعلان على إحدى المواقع. وتتضمن هذه القوائم أشياءً مثل صيغة ترميز الإعلان، وما إذا كان هناك تحكم في كتم صوت الإعلان، والنطاق الترددي المطلوب للشبكة، وتعريب النص، أو بالأحرى جعله ملائمًا للغة المحلية التي يستخدمها الجمهور.
فهل يمكن أن تساعد قواعد البيانات المتسلسلة في حل هذه المشكلة؟ ربما يمكنها ذلك، غير أن هذا ليس تحديداً النطاق الذي تقع ضمن إطاره الفرص الحقيقية التي يكفلها ضمان الجودة.

تتعامل كثير من الوكالات في يومنا هذا مع ضمان الجودة الإبداعية يدويًا، من خلال تمرير المنتجات ذهابًا وإيابًا بين العملاء والناشرين إلى أن يصلوا إلى الموافقة على الإعلان. يوجد فرص لتحسين هذه العملية عبر استخدام تكنولوجيا قواعد البيانات المتسلسلة (Blockchains). فعلى الرغم من أن كثيراً من الجوانب المتعلقة بضمان الجودة تُعالَج من خلال فرق عمل لدى وكالة الإعلان والناشر والعميل، فالمسألة ليست إلزامية. ونظرًا لأن الوكالات والعملاء والناشرين يعرفون بعضهم، فربما تنجح هذه الوظيفة أيضًا بنفس القدر إذا وُجدت أنظمة أتمتة مركزية.

الفرصة الحقيقية

يمكن أن تحقق تكنولوجيا قواعد البيانات المتسلسة أهدافها مع مهمة أخرى تتعلق بضمان جودة الإعلانات؛ وهي التحقق من الإعلان. لا تُعقد جميع صفقات إعلانات الإنترنت بصورة ثنائية بين الناشر ووكالة المحتويات الإعلانية الإبداعية. إذ أن الناشر قد يبيع الحصص الإعلانية المتاحة على منصته بصورة برمجية. ثم تأتي وكالات الإعلان والعملاء ليشتروا هذه الحصص عبر منصات تبيع هذه الحصص حسب الطلب، إذ تدير هذه المنصات المزادات الآنية عبر عمليات متعددة من التبادلات الإعلانية.

يقدم هذا مشكلات تتعلق بضمان الجودة أكبر من مجرد كون أحد الإعلانات طويل أو لا يعمل. كما أن المعلنين الذين يكونون وراء سلسلة معقدة ومدارة بصورة برمجية من الوسطاء قد لا يعلنون عن هويتهم. فربما يستخدمون منصات النشر على أنها مجرد قناة لنقل إعلانات خبيثة تُصمم للإضرار بأجهزة المشاهدين.

وقعت فوربس من قبل ضحية لمثل هذه الهجمات، مما أضر بعدد لا يُحصى من زوار الموقع ببرمجية إعلانية خبيثة تتعلق بقائمة “30 شخصية معروفة أقل من 30 عامًا” لعام 2016 التي يُعلنها الموقع سنوياً. وكان الموقع واحداً من المواقع العديدة التي عانت من نقص ضمانات الجودة الملائمة.

على الجانب الآخر من السلسلة، يمكن أن ينتحل الناشرون منعدمو الضمير ملكيتهم لمنصات قانونية عبر الإنترنت ويبيعون أفكار الإعلانات المزيفة التي تقوم بها برامج الـ “كليك بوت”، والتي لا تحقق أرباحاً إلا لصالح المحتالين الذين يشغلونها.

تتوزع الإعلانات المبرمجة بين عديد من أصحاب المصلحة، ولا يتشارك أي منهم البيانات مع الآخر. كما أنها مشروعات تجارية كبيرة الحجم وعالية السرعة. تُصعّب هذه الأشياء من عملية التدقيق المركزي، لكنها تجعله سوقًا رائجاً لتكنولوجيا قواعد البيانات المتسلسلة، التي تزدهر في البيئات التي على هذا النمط.

تمضي الشركات قدمًا بالفعل نحو هذه الفرصة عبر أنظمة التحقق الإعلاني التي تعتمد على قواعد البيانات المتسلسلة. فمثلاً يقدم تطبيق MetaX حلولاً من العقود الذكية المعتمدة على منصة الإيثريوم، والتي تتحقق من أسماء نطاقات المعلنين وأفكار الإعلانات باستخدام التشفير. يسمح هذا للناشرين أن يروا من باع مخزونهم من الحصص التي يخصصونها على منصاتهم ومن أعاد بيعها، وأيضًا من هي الجهة التي اشترت هذه الحصص.

تستخدم شركة Rebel AI أيضاً قواعد البيانات المتسلسلة للتحقق من موثوقية الإعلان. إذ يمكن للمعلنين أن يشفروا إعلاناتهم، وأن يرسلوها إلى الناشرين عبر أسواق برمجية قائمة، وأن يسمحوا بفك تشفير هذه الإعلانات عندما تصل إلى الجهات التي تم التحقق منها.
لعل فرق العمل داخل وكالات الإعلان، والناشرين، والمعلنين أيضاً لا يزالون في مرحلة التدفق نحو الأنظمة المركزية عندما يرغبون في أتمتة ضمان الجودة الإبداعية، ولكن في هذا العالم المتسارع من المزادات والاستيفاءات الآنية، يُتوقع أن تزدهر ضمانات الجودة المعتمدة على قواعد البيانات المتسلسلة. فليست شركتا Rebel AI و MetaXهما الوحيدتين اللتين تعالجا هذه المشكلة، فلا شك أن مزيداً من هذه الشركات في طريقها نحو هذه التكنولوجيا.