هل ابتكار فنزويلا لعملة رقمية جديدة خطة ذكية للتهرُّب من العقوبات الأميركية المفروضة عليها؟ أم ستصبح في نهاية المطاف عملةً رقمية لاتينية لا قيمة لها؟

تواجه فنزويلا هذا السؤال بينما تستعد قبل أن تطرح عملتها الرقمية الجديدة المماثلة للبيتكوين ويُطلق عليها “بترو”، بحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

تطرح فنزويلا هذه العملة الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2018 في ظلِّ معاناتها من أزمةٍ اقتصادية خانقة وقمعٍ للحريات الديمقراطية، ما أدَّى إلى عزل حكومة الرئيس نيكولاس مادورو الاشتراكية سياسياً وحرمانها من أغلب مصادر التمويل الدولية.

 

100 مليون بترو بـ6 مليار دولار

ويزعم مادورو أن كل عملة بترو سيدعمها برميلٌ من البترول من الدولة الغنية بالنفط وأنها ستصدر حوالي 100 مليون عملة بترو بقيمة 6 مليار دولار.

ابتكرت فنزويلا عملة بترو بهدف جمع العملة الصعبة واعتبارها طريقةً للتسديد للمُورِّدين الأجانب بعد أن تعثَّرَت أغلب الصفقات نتيجة العقوبات المالية التي فَرَضَتها واشنطن عليها عام 2017.

لكن ينظر بعض المُحلِّلين إلى إصدار عملة بترو على أنها خطوةٌ بائسة لتأمين النقد في ظلِّ انهيارٍ غير مسبوقٍ للاقتصاد أدَّت إليه سياسات مادورو الاشتراكية.

وتعاني فنزويلا الآن من نقص الأغذية على نطاقٍ واسع، علاوة على التضخُّم المُفرِط الذي قد يصل إلى 13000% وفقاً لصندوق النقد الدولي، إلى جانب انهيار قيمة البوليفار، عملة فنزويلا التقليدية.

أعلن الكونغرس الذي تسيطر عليه قوات المعارضة بفنزويلا البترو عملةً غير قانونية لأنه، بموجب القانون، يجب أن توافق السلطة التشريعية على أي اقتراضٍ حكومي، ولكن مادورو تجاهل ذلك الشرط.

 

عملة لا قيمة لها

وأعلن المُشرِّع جورج ميلان في خطاب ألقاه مؤخراً أن البترو “ليست عملةً رقمية وإنما هي خطوة لبيع النفط الفنزويلي”.

ويتوقَّع منتقدون للحكومة أن يكون مصير البترو في التجارة ما يُعرَف بالعملات التي لا قيمة لها، وهي العملات الرقمية التي فقدت قيمتها بمرور الوقت أو اعتُبِرَت عملاتٍ احتيالية.

ويُؤكِّد المنتقدون أن خلق عملات رقمية جديدة مستقرة مع البقاء في السلطة يتطلَّب التحلي بالثقة والشفافية، وهي الصفات التي يُلاحَظ غيابها بوضوح في حكومة مادورو.

وصرَّح الخبير الاقتصادي، جين بول ليدنز، في العاصمة الفنزويلية كاراكاس، التلفزيون الكولومبي أن البترو “سيصدرها البنك المركزي الذي تسبَّب في تضخُّم البوليفار، من إذاً قد يمنح الثقة لبنكٍ لا يمكنه حتى الحفاظ على ثقة الجمهور بالعملة المحلية؟”.

مشكلةٌ أخرى تواجه الإصدار الأول للبترو هي أنها سيدعمها النفط الصادر عن مجمع البترول  1 لمدينة أياكوتشو الواقع بحزام النفط الثقيل بأورينكو، شرقي فنزويلا.

يقول خوسيه أنطونيو غيل، خبير العملات الرقمية بكاراكاس، إن النفط لم يُضَخ حتى الآن، إضافةً إلى أنه سيجري استخراجه ضمن نطاق مشاريع مشتركة تشارك فيها الحكومة بحصةٍ تبلغ نسبتها 60%.

 

فتح التسجيل لـ”عمال التعدين”

وفي شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حذَّرَت وزارة الخزانة الأميركية من الاستثمار في البترو لأنه سيؤدي إلى “تمديد مهلة الدفع” لفنزويلا، ما يعني انتهاكاً للعقوبات المفروضة في شهر أغسطس/آب من العام 2017.

وحظرت إدارة ترامب الإقراض أو عقد أي اتفاقات على أسهم أو صكوك جديدة تصدرها الحكومة الفنزويلية أو شركة النفط الحكومية التابعة لها، وذلك بهدف منع تقديم المؤسسات المالية الأميركية أي أموال لحكومة مادورو.

ولا تزال حكومة مادورو تمضي قُدُماً، إذ فتحت التسجيل لمن يُطلَق عليهم “عمال التعدين” ليتمكَّنوا من الحصول على البترو من خلال عملية مراقبة صفقات العملات الرقمية عبر الإنترنت. ويتوقَّع الرئيس أن البترو ستُحقِّق نجاحاً ساحقاً.

وقال مادورو في خطابٍ ألقاه مؤخراً لتعزيز العملة الرقمية: “إن المستقبل أمامنا الآن، ففنزويلا تمضي إلى الأمام كقوةٍ اقتصادية”.

في الواقع، كثيراً ما يُثبِت مادورو للمُشكِّكين في قدراته أنهم على خطأ.

والدليل على ذلك أنه تمكَّن من الاحتفاظ بالسلطة على الرغم من التنبؤات بزواله منها وسط دوامة التدهور الاقتصادي التي واجهتها فنزويلا. في عام 2017، تمكَّن مادورو من تعزيز سلطته بالتخطيط لانتخاب سلطة تشريعية تابعة تمكنت من تهميش الكونغرس بنجاح.

الأكثر من ذلك أنه من المُتوقَّع أن يفوز مادورو بفترة ولاية أخرى مدتها 6 سنوات في الانتخابات الرئاسية التي ستُعقَد في 22 أبريل/نيسان، لأسبابٍ منها على سبيل المثال لا الحصر أن المُرشَّحين المُعارضين الأشهر مُنِعوا من المشاركة في الانتخابات.

ويقول غيل إنه إذا خسر مادورو الانتخابات أو أُجبر على التخلي عن السلطة ستنهار عملة البترو.

وبالتالي لن يتمكَّن حاملو البترو من تبادل تلك العملة لأن الحكومة الجديدة على الأغلب ستُبطِل مشروعية إصدارها.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.