إذا كانت البلوكتشين تقنية ثورية بحق، فلماذا لا يريد عمالقة التكنولوجيا؛ مثل فيسبوك وأمازون وغوغل وآبل، الاستثمار فيها بصفة أكبر؟

ظهر هذا السؤال بصفة أولية على موقع كورا الأمريكي، الذي يتيح للأفراد اكتساب المعرفة وتشاركها مع الآخرين، ويخول لهم التعلم من الآخرين وامتلاك فهم أفضل للعالم.

قدم مدير المنتجات التكنولوجية لدى شركة “فيزا”، غوراف موكاشي، إجابة عن هذا الموضوع على موقع كورا، إذ أكد أن البلوكتشين فشلت حتى الآن في أحد الاختبارات الهامة.

وخلال الاجتماع المغلق حول منتجات الاتحاد الوطني لشركات البرمجيات والخدمات “ناسكوم”، الذي عقد مؤخراً في مدينة بنغالور الهندية، سُئل كيشوري بياني، المدير التنفيذي لشركة “فيوتشر غروب”، عن الأمر الذي يبقيه مستيقظاً أثناء الليل. فأجاب بأن هذا الأمر هو “الخوف من فقدان توجه سائد”، يقصد خشيته من أن يظهر ترند معين وألا يتمكن من اللحاق به. نفس هذا الأمر هو ما يهم القيادات في الشركات الكبرى على نحو مماثل، خاصة أن آخر شيء يريدونه هو وجود “طفل آخر” في الجوار بصدد عرقلة نماذج الأعمال الخاصة بهم.

خلال السنوات الـ 20 الماضية، كان من الصعب التفكير في أن هناك تكنولوجيا ثورية واحدة لم تجربها شركات أمازون وغوغل وآبل وفيسبوك. طيلة سنوات، تبنت هذه الشركات التكنولوجيا السحابية، الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والمساعدات الصوتية، وحتى الواقع المعزز، والسيارات ذاتية القيادة، فضلاً عن التعليم الآلي والمتعمق، وكان لها في بعض الأحيان دور ريادي في اعتماد هذه التقنيات.

لكن عندما يتعلق الأمر بالبلوكتشين، يبدو أنها لا تنال اهتمام هذه الشركات.

في واقع الأمر، أنا لا أقر بالادعاء القائل إن البلوكتشين ليست لها صلة بهذه الشركات، لأنه ليس من الصعب أن نتخيل سيناريوهات تكون فيها البلوكتشين ذات تأثير عليها. وفي هذا التقرير ذُكرت بعض الأمثلة عن هذا التأثير:

 

اللامركزية

قال لوبين: “أجل، أستطيع أن أتخيل طبعا شركة أمازون لامركزية، لقد رأينا الأجزاء، وليست كلها متصلة ببعضها البعض. وليست جميعها من الخارج أو مكتملة، لكن بإمكاني تخيل منصة مفتوحة للعديد من الأطراف الذين يضطلعون بأدوار مختلفة”.

كما أورد لوبين، مؤسس كوزين سيس، الأستوديو الذي يتخذ من بروكلين مقرا له، والذي يطور المشاريع القائمة على الإيثريوم، أنه “يمكن فعل نفس الأمر مع فيسبوك، فبإمكاننا النهوض بمنصة لامركزية تعرض الخدمات نفسها”. وعموما، يعتبر صمت هذه الشركات فيما يتعلق بالبلوكتشين مريباً بلا شك.

في الحقيقة، تجعل الطبيعة الخفية للعملات الرقمية المشفرة وتكنولوجيا البلوكتشين الفصل بين القمح والقش أمراً صعباً على الأشخاص العاديين. ومع ذلك، لطالما جذبت شركات مثل غوغل وآبل وأمازون وفيسبوك المواهب الهندسية والباحثين من أرقى الجامعات في العالم. ويتمتع هؤلاء الأشخاص بفهم شامل لعلوم الحاسوب، وفي حال كان لدى البلوكتشين المزايا التكنولوجية التي يزعم الناس بأنها تملكها، فإنه من المستبعد أن يهتم بها التكنولوجيون في هذه الشركات ولو قليلاً.

أما عند النظر للوراء خلال السنوات الـ 5 الماضية، فيمكن تصنيف أغلب الأشخاص الذين يصدرون قيم تكنولوجيا البلوكتشاين إلى صنفين:

1 ـ الأشخاص أصحاب  المصالح المكتسبة: الذين يديرون أو يستثمرون في الشركات الناشئة ذات الصلة، والمشاركين في الطرح الأولي للعملة (ICO). وعموماً، تقوم هذه المجموعة بتجربة سلسلة البلوكتشين المتاحة للعامة.  

2 – المؤسسات المالية الكبرى: كانت قيمهم الخاصة عبارة عن تدابير رجعية مفهومة من أجل التحقق مما إذا كانت أعمالهم التجارية عرضة للخطر، ولضمان عدم ظهورهم كمجموعة من “غير المتابعين لأحدث التكنولوجيا”. وتناصر هذه المجموعة شيئاً يدعى سلاسل البلوكتشين الخاصة أو الاتحادية.

وإذا نظرت عن كثب إلى ماهية البلوكتشين، فإنه لا يمكن تبين مظاهر التجديد حولها من الناحية الفنية. وفي هذا الإطار، يقدم الأستاذ بجامعة برنستون، أرفيند نارايانان، ما يبدو أنه المساق الهائل الوحيد المفتوح (موك) والموثوق عبر الإنترنت في هذا المجال، حيث نشر تدوينة تذهب إلى حد القول إن “البلوكتشاين الخاصة، هو مجرد اسم مربك لقاعدة بيانات مشتركة“.

 

مشاكل البلوكتشين

وحتى اللامركزية التي وعدت بها البلوكتشين الخاصة، ليست خالية من المشاكل. ففي المقام الأول، توجد مشكلة الأداء. في الواقع، إن البيتكوين، التي تستخدم البلوكتشين في شكلها النقي، لديها إجمالي حركة مُخز يتراوح بين ثلاث وسبع مبادلات في الثانية، بالمقارنة مع نظام تقليدي مثل فيزا، الذي يقدر بسهولة على معالجة حوالي 25000 مبادلة في الثانية(1).

ثانيا، لا تزال البلوكتشين حلاً لمشكلة ليست مطروحة بعد. فليس لها تطبيق واحد حتى الآن وهو ما يعتبر تجاوزاً لما يعرف بمرحلة إثبات المفهوم، كما أنها لم تثبت بشكل قاطع أن الحلول المقترحة القائمة على البلوكتشين تقدم أداء أفضل من التكنولوجيا الحالية.

ونظرا لأن شركات مثل أمازون وغوغل، فضلا عن فيسبوك وآبل، لا تبدي اهتماماً كبيراً بالبلوكتشين، حتى في ظل الهوس المتزايد بهذه التكنولوجيا، فإنه لا يمكن القاء اللوم على إحداها بسبب تشكيكها في إمكانيات البلوكتشين باعتبارها نموذجاً مغيراً لقواعد اللعبة.

إبراءاً للذمة: أدلي بالبيانات المذكورة أعلاه بصفتي الشخصية. وينبغي أن لا ينظر إليها على أنها انعكاس لرأي المجلة بشأن هذا الموضوع.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.