إن أغلب الأشخاص الذين سمعوا عن البلوكتشين، عادة ما يعتبرونها مرتبطة بعملة البيتكوين المشفرة. وعلى الرغم من أن البلوكتشين تمثل التكنولوجيا الأساسية التي تساعد على إجراء مبادلات العملة الرقمية، إلا أن الحقيقة تتمثل في أن نطاق الاستخدامات الأخرى الممكنة للبلوكتشين أوسع بكثير من مجال العملة الرقمية.

فعلى سبيل المثال، تعمل شركة “آي بي إم”، على مئات المشاريع التي تعنى بالبلوكتشين في العديد من القطاعات، على غرار إدارة شبكات التزويد، وسلامة الغذاء، والحوكمة، والرعاية الصحية، والسفر والتنقل، والمواد الكيميائية والنفط، والتأمينات.

وقال جيري كيومو، نائب رئيس تكنولوجيا البلوكتشين في IBM، في مقال له على موقع “ذي هيل“، إنه وقف يوم 14 فبراير/ شباط أمام لجنة العلوم، والفضاء والتكنولوجيا في مجلس النواب الأمريكي، لتقديم وجهة نظره حول ظهور هذه التكنولوجيا.

وأضاف “سوف أوضح لهم كيف تُستخدم البلوكتشين في الوقت الحالي، وكيف يمكن الاستفادة منها في المستقبل، وخاصة كيف يمكن للحكومات الاعتماد على البلوكتشين لإحداث تأثير إيجابي في مردودية وكفاءة الولايات المتحدة ومواطنيها”.

في الواقع، لقد أبدت الحكومة الأمريكية اهتمامها بالبلوكتشين في وقت أكثر من رائع. فقد بات للمشرعين الآن الحكمة اللازمة لاستكشاف العلم الكامن وراء تكنولوجيا البلوكتشاين، ومدى قدرتها على إفادتنا في تطبيقات أخرى غير العملة الرقمية.

وتتمتع البلوكتشين بالقدرة على تحقيق تخفيض هام في كلفة ومدى تعقيد المعاملات بين مختلف القطاعات الصناعية والحكومية. وفي نفس الوقت، سوف تساعد على إطلاق نماذج اقتصادية جديدة، باعتبار أن هذه الشبكة المتطورة سوف تقرب بين جميع الأطراف بطريقة جديدة.

يقوم مركز شبكة البلوكتشين على فكرة “سجل الحسابات” المشترك وغير القابل للتعديل، حيث يعمل السجل على حفظ كل التحويلات المالية التي تحدث داخل الشبكة، ويقوم بتوزيع نسخ دقيقة من هذه السجلات، التي تكون محمية بنظام التشفير حتى لا يتم التلاعب بها من قبل أي عضو في الشبكة. وبهذه الطريقة، يعتبر ما يحدث من خلال هذه العملية أمرا غاية الأهمية، يتمثل أساسا في خلق نسخة موحدة مشتركة من الحقيقية، ما يعني مستوى جديد من الثقة بين مختلف مستخدمي الشبكة.

ولكن، من المهم الإشارة إلى أنه ليست كل شبكات البلوكتشين مصممة بالتساوي. ففي حين تعمل البيتكوين داخل شبكة من الأطراف الذين يكونون مجهولي الهوية، تتم إدارة شبكات البلوكتشين التابعة للشركات بشكل مفتوح، وتسمح بالتفاعل بين أطراف معروفة الهوية.

ولتوسيع نطاق استخدامها في القطاع الحكومي والاقتصادي، سوف تكون شبكات البلوكتشين التابعة للشركات الخيار الأمثل، خاصة تلك التي تتميز بمصدر مفتوح، نظرا لأنها تستجيب لأربعة شروط أساسية: المحاسبة، والسرية، وقابلية التوسع، والأمان.

التطبيقات بدأت

لقد بدأت الشركات الأمريكية بالفعل في اتباع هذا المسار، عبر إدماج البلوكتشين في أسلوب إدارة الأعمال، وهو ما يبشر بتحولات إيجابية. ففي مجال سلامة الغذاء، يعمل الآن تحالف يضم 12 شركة، من بينها “وول مارت”، “يونيليفر” و”نيستلي”، إلى جانب شركة “آي بي إم”، على تطبيق بلوكتشاين الشركات في مواجهة تحدي تحقيق الشفافية والتثبت من المصدر في سلسلة إنتاج الغذاء العالمية.

والجدير بالذكر أنه يموت سنوياً حوالي 400 ألف شخص حول العالم بسبب الأمراض المنقولة عبر الغذاء. ولتفادي ذلك، يمكن استخدام البلوكتشين بشكل سريع لتحديد مصدر التلوث، والحد من نطاق الضرر وسحب الأغذية غير الصالحة، وبالتالي خفض عدد الأشخاص الذين يمرضون أو يموتون بسبب هذه الأمراض.

كما تجدر الإشارة إلى المشروع الذي تعمل عليه “آي بي إم” مع شركة “ميرسك”، أكبر ناقل بحري في العالم، لإنشاء منصة تجارية واسعة النطاق لمؤسسات القطاع العام والخاص المسؤولة عن الشحن عبر المحيطات، علماً بأن هذه الصناعة مسؤولة عن 90% من البضائع المنقولة في التجارة العالمية.

في الوقت الحالي، يمكن أن تؤدي عملية نقل شحنة واحدة بين مينائين، إلى إصدار سيل من الوثائق والمراسلات بين 30 طرفاً مختلفاً. ويتم الآن الاعتماد على البلوكتشين لمتابعة الملايين من الحاويات والشحنات في نفس الوقت الذي تتحرك فيه في شتى أنحاء العالم، عبر توفير نظام موثوق ومحصن ضد التلاعب وعابر للقارات لتوثيق التبادل التجاري.

وعند اعتماد هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، فإن لهذا الحل القدرة على توفير مليارات الدولارات المهدورة، وتطوير التجارة العالمية، وتحسين اقتصاديات الدول. وتماماً مثلما تساهم تكنولوجيا البلوكتشين في مساعدة الشركات، فإنها تَعد أيضا بالكثير من الفرص للقطاع العام، من أجل خفض النفقات وتوفير خدمات أكثر جودة وحداثة.

منذ هذه اللحظة، انخرطت العديد من الوكالات الفيدرالية والحكومات المحلية في مشاريع رائدة، على غرار إدارة الغذاء والدواء، ومركز مكافحة الأمراض واتقائها، اللذان يبحثان عن طرق جديدة لتحسين قطاع الصحة العامة. ونحن نؤمن أن هناك فرصا للحكومة الأمريكية لفعل المزيد في العديد من المجالات الحيوية.

مجالات عديدة

أولاً، دعونا نركز جهودنا على المشاريع التي يمكنها إحداث تأثير إيجابي وسريع على تنافسية الاقتصاد الأمريكي والمواطنين، ثم استخدام المعرفة المكتسبة من أجل تحسين السياسات والمعلومات العامة فيما يتعلق باستخدام تكنولوجيا البلوكتشين.

ولقد شرعت لجنة الكونغرس للبلوكتشين، فعلا، في هذه الخطوة من خلال تقييم بعض المشاريع في مجال الهوية الرقمية، والدفع وسلسلة التزويد. ويمكن لهذا أن يدعم مبادرات أخرى لمساعدة المواطنين في مجالات مختلفة، مثل الصحة العامة، والضرائب وتسجيل الأراضي.

وبنفس هذه الروح الرامية لمساعدة المواطنين، يجب علينا مواصلة تشجيع التعاون بين الحكومة، والأكاديميين، والقطاع الخاص لتجهيز المواطنين لمهن التقنيات الدقيقة في المستقبل، التي ستتضمن بناء تكنولوجيات البلوكتشين والعمل معها.

ثانياً، يجب علينا البحث عن طرق فعالة لدفع الابتكار والتجديد في المناخ الاقتصادي في الشركات الأمريكية، عبر تشجيع البلوكتشاين، كجزء من البرنامج الوطني لأبحاث وتجديد الشركات الصغرى، الذي يمثل بدوره جزءا من ميزانية البحث الحالية في عدد من الوكالات.

وأخيراً، وهو الأمر الأهم على الأرجح، عند التفكير في السياسات التنظيمية، يجب الانتباه إلى الفروقات الكبيرة بين استخدام البلوكتشاين في العملة الرقمية واستخدامها على نطاق أوسع في عدة قطاعات أخرى. وفي الحقيقة، إن فهم هذه النقطة سيساعدنا على تجنب تبعات غير مرغوبة يمكن أن تعرقل التجديد والتطور المرافق لهذه التكنولوجيا، الذي من شأنه أن يضمن للولايات المتحدة موقعا رياديا في مجال التكنولوجيات الجديدة. ونحن نعتقد أن البلوكتشاين جاهزة للاستخدام الحكومي، ونتطلع إلى التعاون الوثيق مع الكونغرس لضمان جهوزية الحكومة للبلوكتشاين.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.