تحولت مدينة بيريرا الكولومبية في الآونة الأخيرة، إلى إحدى أكبر منصات العملات الرقمية على الصعيد الوطني، على الرغم من أن حجم سوقها لا يضاهي أسواق المدن الكبرى، مثل بوغوتا أو ميديلين. فما الذي يفسر تفشي هذه الظاهرة؟

يبدو أن “حمّى” العملات الرقمية قد طالت أيضا مدينة بيريرا، المعروفة باسم “مثلث القهوة”، وهي منطقة شهدت خلال السنوات الأخيرة تحسنا ملحوظا على مستوى شبكة الاتصالات. ففي بعض الإدارات الكولومبية، على غرار إدارة كوينديو، تجاوزت نسبة انتشار الإنترنت 15.6 بالمائة بين شهري يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول عام 2017، في حين بلغت هذه النسبة 15.1 بالمائة في إدارة ريزارالدا، وفق ما ذكر موقع دينيرو الإسباني.

قبل فترة قصيرة من ازدهار العملات الرقمية، خاصة في ظل تضاعف قيمة عملة البيتكوين التي بلغت في نهاية السنة الماضية حوالي 20 ألف دولار أمريكي، تمكنت مدينة بيريرا من اقتحام هذا العالم بشكل فعلي.

أول صراف آلي للبيتكوين

وتعد بيريرا المدينة التي شهدت إطلاق أول أجهزة صراف آلي لتداول عملة “البيتكوين” في كولومبيا، التي تم وضعها من قبل شركة كومبوديمانو، التي تعرّف نفسها على اعتبارها شريكا استراتيجيا لشركة آبل في مدينة بيريرا منذ 15 سنة.

وأوضح مدير شركة كومبوديمانو في مدينة بيريرا، أندريس بينيلا، أن فكرة الدخول في سوق العملات الرقمية كانت بناء على طلب البعض من عملاء الشركة، الذين اقترحوا إمكانية الحصول على منتجاتها التكنولوجية عن طريق عملة البيتكوين.

وبعد عدة أشهر من البحث، قررت شركة كومبوديمانو الدخول في عالم العملات الرقمية، مع العلم أنها لم تقتصر على استخدام هذا النوع من العملة على اعتبارها وسيلة للدفع، وإنما أعربت أيضا عن عزمها على تثبيت صراف آلي خاص بها للبيتكوين.

وإثر التواصل مع بعض الشركات الأوروبية المتخصصة في أجهزة الصراف آلي، تمكنت الشركة من استيراد هذا الجهاز إلى كولومبيا.

25 نوع من العملات الرقمية

حاليا، تحتضن هذه الشركة 25 نوع مختلف من العملات الرقمية التي تتيح فرصة اقتناء جميع منتجات آبل.

إلى جانب ذلك، تمكن أجهزة الصراف الآلي التابعة لهذه الشركة من تحويل عملة البيزو الكولومبية إلى عملة البيتكوين، واللايتكوين، والإيثريوم وغيرها.

وتستبعد شركة كومبوديمانو إمكانية تثبيت المزيد من أجهزة الصراف الآلي للبيتكوين في البلاد. كما تتوقع شركة كومبوديمانو فعلا مواصلة تلقي العملات الرقمية سواء ماديا أو افتراضيا، نظرا لأنها تمثل حاليا حوالي 2 بالمائة من المبيعات.

في هذا السياق، يؤكد أندريس بينيلا أن “هذه العملية تسمح بإضفاء طابع ديمقراطي على الخدمات المالية، كما تمنح الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى البنوك التقليدية إمكانية الاستفادة من التكنولوجيات الجديدة”.

وقال مدير مؤسسة البيتكوين في كولومبيا، كارلوس ميسا، إن التقدم الذي شهدته العملات الرقمية خلال السنة الماضية، قد حفز رغبة العديد من الأشخاص في تلقي العملات الرقمية كوسيلة للدفع مقابل سلعهم وخدماتهم.

ومنذ العام 2013، زاد اعتماد العديد من الشركات على استخدام عملة البيتكوين. فيما أجبرت التحذيرات الصادرة عن بعض السلطات الاقتصادية الكثيرين منهم على سحب أعمالهم خوفا من خسارة استثماراتهم.

واستعاد الناس مع ارتفاع أسعار العملات الرقمية الرئيسية خلال العام 2016، ثقتهم في العملات الرقمية وأعادوا تنشيط المبيعات من خلال هذه الآلية.

ويعترف ميسا أن الأعمال التي تعتمد على العملة الرقمية قد شهدت حركة كبيرة في مدينة بيريرا.

أما الرئيس التنفيذي لشركة بوذا للعملات الرقمية في كولومبيا، أليخاندرو بالتيران، فيرى أن نظام العملات الرقمية والبلوك تشين يشهد تطورا كبيرا في كولومبيا، وهو ما يدل على أهمية دور المدن المتوسطة في هذا المجال على المستوى الإقليمي.

وبعيدا عن النهج الاستثماري، يتم تطوير نماذج جديدة لإنشاء نظام معاملات بديلة أكثر كفاءة مقارنة بالتقليدية.

كما يقول بالتيران، إن تثبيت أول صراف لعملة البيتكوين في مدينة بيريرا قد أثار ضجة كبيرة في السوق.

مصدر قلق

ويمكن أن يمثل الانتشار الذي شهدته العملات الرقمية في البلاد مصدر قلق بالنسبة للكثيرين. فعلى سبيل المثال، حذرت السلطات الاقتصادية الكولومبيين باستمرار من المخاطر التي يمكن أن تنجر عن تداول هذه العملة غير القانونية في كولومبيا، نظرا لأنها لا تحظى بدعم من البنك المركزي.

وتشعر الشركات بالقلق إزاء الشركات التي تقدم عائدات تصل إلى حوالي 100 بالمائة في غضون شهرين للاستثمار في مجال العملات الافتراضية وحتى لإقناع المزيد من الأشخاص للمشاركة في هذه الشبكة.

ويرى المشرف الأعلى على شركات البيتكوين، فرانسيسكو رييس، أن زيادة قيمة العملات الرقمية قد جعل الناس يعتقدون أن هذا النمو سيكون دائما ومستمرا.

إلا أن أسعار عملة البيتكوين، شهدت انخفاضا ملحوظا خلال الأيام الأخيرة، إذ وصلت إلى حوالي 7000 دولار أمريكي للعملة الواحدة، وهو ما يعد خير دليل على مدى تقلب هذه السوق.

عمليات غسل الأموال

ويشعر فرانسيسكو بالقلق إزاء عمليات غسل الأموال التي يمكن أن تًنجر عن تداول هذه العملات الرقمية بسبب انعدام الشفافية، فضلا عن استحالة تحديد المستفيدين الحقيقيين من هذه الأعمال أو الأشخاص الذين يختبؤون خلفها.

ووفقا لبنك الجمهورية في كولومبيا، خلال الربع الثالث من العام 2017، تلقت مدينة بيريرا تحويلات من الخارج تقدر بحوالي 193.9 مليون دولار.

ويتساءل بعض المحللين عما إذا كان جزء من مجموع هذه التحويلات موجه نحو سوق العملات الرقمية كما يحدث في العديد من بلدان العالم حيث يرسل المهاجرون الأموال إلى أسرهم من خلال منصات تكنولوجية بهذه الخصائص.

وبالتالي، كيف ستكون نهاية ظاهرة العملات الافتراضية في مدينة بيريرا؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.