ما هو الركود الاقتصادي؟ وما تداعياته على العملات الرقمية المشفرة؟

سنسلط الضوء في هذه المقالة عن طبيعة الركود الاقتصادي، والتداعيات التي ستواجه العملات الرقمية المشفرة في حال حدوث الركود الاقتصادي.

كالعادة عند حدوث الركود الاقتصادي ترتفع أسعار السندات، وتنخفض أسعار الأسهم. لذلك دائماً ما يُنصح بالابتعاد عن الأصول عالية المخاطر وشراء السندات، من أجل التحوط أو اللجوء إلى الملاذ الآمن كالذهب. وبسبب تخوف المستثمرين من نزيف قيمة الأسهم، يلجؤون إلى شراء السندات عند حدوث الركود الاقتصادي وسط ارتفاع نسب الفائدة.

وعندما يكون الركود الاقتصادي يصاحبه تشديد في السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية، نستطيع القول إن الأزمة شبه مفتعلة من قبل البنوك المركزية، وذلك يكون بهدف محاربة معدلات التضخم، ونتيجة محاربة معدلات التضخم من قبل البنوك المركزية يحدث الركود الاقتصادي. ويكون الركود الاقتصادي عميقاً في حال تجاوز محاربة معدلات التضخم لأكثر من سنة.

في الوقت نفسه، من الطبيعي أن تكون هناك مخاوف من قبل صناع القرار من حدوث أزمة الركود الاقتصادي الذي لا تحمد عقباه في حال خرج عن السيطرة. لذلك هناك تخوف من قبل جميع الحكومات في حال حدوث الركود الاقتصادي بشكل حاد.

أول ضحايا حدوث الركود الاقتصادي هما الأسهم والعملات الرقمية المشفرة. لكن في رأيي الشخصي أراه أيضاً فرصة مناسبة في دخول صفقات شرائية عند حدوث الركود الاقتصادي، عبر شراء الأسهم والعملات الرقمية المشفرة في حال انهارت قيمتها، ووصلت إلى مستويات القاع. 

نلاحظ أن السياسة النقدية من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تطمح في تكوين ركود طفيف من أجل انحسار معدلات التضخم، وهذه إحدى الأدوات التي يستخدمها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الوقت الراهن.

خلال فترة الركود الاقتصادي تكون معدلات البطالة مرتفعة، وذلك بسبب تسريح عدد كبير من موظفي الشركات، فيصاحبه تباطؤ في الإنتاج، وتبدأ المبيعات في الانخفاض بسبب الانخفاض على الطلب، ما يؤدي إلى تضاؤل القوة الشرائية للفرد.

كما تتسم تلك المرحلة بهبوط المستوى العام للأسعار، مع تراجع الناتج المحلي، وتطلب البنوك قروضها من العملاء. وفي الوقت نفسه يصعب على العملاء تسديد القروض بسبب ارتفاع معدلات الفائدة.

مؤخراً، حذّرت رئيسة صندوق النقد الدولي من أن الركود الاقتصادي سيصيب أكثر من ثلث دول العالم. وحذرت من أنه سيكون أصعب من العام الذي مضى، في حال إذا استمرت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والصين بفترة تباطؤ لاقتصاداتها.

مؤشر ناسداك

يُعد مؤشر ناسداك أشهر المؤشرات في بورصة الولايات المتحدة الأمريكية بعد مؤشر داو جونز ومؤشر S&P500. وفي حال انهيار قيمة أسهم ناسداك فإن ذلك يعني انهيار قيمة العملات الرقمية المشفرة؛ لأنهما مرتبطان بعلاقة وطيدة وطردية عبر شركة coinbase المختصة في مجال العملات الرقمية المشفرة المدرجة في مؤشر ناسداك.

لذلك تعتبر شركة coinbase حلقة الوصل بين العملات الرقمية المشفرة ومؤشر ناسداك، وهذه إحدى الأسباب التي رسمت خارطة الطريق من أجل بناء علاقة طردية بين العملات الرقمية المشفرة ومؤشر ناسداك، علماً أن شركة coinbase سرحت جزءاً من موظفيها بدءاً من العام الماضي، كما أغلقت شركة coinbase جميع نشاطاتها في اليابان. رغم ذلك، ارتفع سهم شركة coinbase منذ مطلع هذا العام بنسبة تفوق 53%.

رغم أن العملات الرقمية المشفرة دخلت رسمياً في القناة الصعودية عام 2023، إلا أن هناك مخاوف من حدوث ركود اقتصادي حاد. ذلك يؤدي إلى نقل رؤوس الأموال من الاستثمار في الأسهم والعملات الرقمية المشفرة إلى التحوط والتوجه نحو السندات والذهب.

ورغم أن عام 2023 يعد عاماً تفاؤلياً للمتداولين والمستثمرين في العملات الرقمية المشفرة، بفضل المعطيات الموجودة في الأسواق، نتيجة انحسار التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن استمرارية التشديد في رفع معدلات الفائدة تؤدي إلى تقليل النشاطات التجارية، وتسريح موظفي الشركات والتوجه نحو ادخار الأموال في البنوك بسبب معدلات الفائدة المرتفعة، وبالتالي من المحتمل أن يؤدي إلى ركود عميق.

فارتفاع تكاليف الإقراض العالمية يؤدي إلى أزمات مالية عميقة. ونلاحظ أن نسبة الفائدة وصلت إلى مستويات عالية. في الولايات المتحدة الأمريكية وصلت نسبة الفائدة إلى 4.5%.

لذلك مهم جداً لكل متداول ومستثمر في العملات الرقمية المشفرة أن يكون لديه خلفية اقتصادية، وأن يكون على دراية بما يجري في اقتصادات الدول، وأن تكون لديه معرفة عن الركود الاقتصادي وتداعياته.