الدولار يخنق كل الأصول التي تقف أمامه وليس فقط العملات الرقمية المشفرة

الآن نشهد حرب العملات الرئيسية حول العالم عبر سلاح رفع نسبة الفائدة. والهدف من هذه الحرب هو محاربة التضخم الذي وصل لأوجه منذ عقود، والسؤال هنا: هل فقط العملات الرقمية المشفرة ضحية هذه الحرب الضارية أم أن هناك أصولاً أخرى تُعاني إزاء هذه الحرب؟

لذلك، في هذه المقالة، سوف نسلط الضوء على جميع الأصول التي هي من ضحايا هذه الحرب الواقعة بين البنوك المركزية، وتحديداً البنوك المركزية للدول المتقدمة اقتصادياً، ونيران هذه الحرب التهمت أغلب الأصول كالذهب والأسهم أيضاً ومن ضمنها بكل تأكيد، العملات الرقمية المشفرة التي نالت نصيب الأسد.

ويجب أن نعلم أنه في الوقت الراهن ليس فقط العملات الرقمية المشفرة هي ضحية حرب العملات الرئيسية حول العالم، بل إن الذهب أيضاً هو أحد الضحايا، إضافة إلى الأسهم واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني وعملات الدول الناشئة.

المنتصر في هذه الحرب لحد هذه اللحظة هو الدولار الأمريكي الذي يقف بقوة أمام جميع الأصول، وذلك لأن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أكثر صرامة في سياساته النقدية مقارنة بالبنوك المركزية الأخرى مثل البنك المركزي الإنجليزي والاتحاد الأوروبي والياباني.

لكن نلاحظ أن الإعلام كان يسلط الضوء أكثر على العملات الرقمية المشفرة من بقية الأصول قبل مدة، وذلك لأنها كانت الأكثر تضرراً وتأثراً من بقية الأصول. العملات الرقمية المشفرة سبقت الأصول البقية في انهيار قيمتها أمام الدولار الأمريكي.

لكن الآن بدأت بقية الأصول تنهار بشكل ملحوظ أمام الدولار الأمريكي، ولهذا نرى أن الإعلام بدأ يركز ويهتم بهذه الأصول أكثر من العملات الرقمية المشفرة.

المعدن النفيس.. الذهب

شاهدنا المعدن النفيس، الذهب، انخفض أيضاً في الأسبوع الماضي من مستويات فوق 180‪0 دولار أمريكي للأونصة الواحدة إلى مستويات 173‪4 دولاراً أمريكياً للأونصة الواحدة. وبرغم أن الذهب يعتبر من الأصول الآمنة، خصوصاً عند نشوب الحروب، كالحرب الحاصلة حالياً بين روسيا وأوكرانيا.

فإن هذا لم يشفع للذهب في الصمود والحفاظ على بريق لمعان قيمته أمام تشديد السياسات النقدية من قبل البنوك المركزية من أجل كبح التضخم، وفي مقدمتها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

بقية العملات الرئيسية أمام الدولار الأمريكي

حالياً في أسواق المال، الدولار الأمريكي في “حالة الثيران” وسط صعود قوي للدولار دون توقف، حتى أصبح يتربع على العرش في أسواق المال، بحيث تجاوز مؤشر الدولار 108 وهو مستوى لم نشهده منذ سنوات عديدة.

أما بقية العملات الرئيسية أمام الدولار الأمريكي كاليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، فقد أصبحت من فئة “الدببة” في سوق المال، فهذه العملات تعيش في حالة هبوط حر نوعاً ما.

مؤخراً انهار اليورو أيضاً بحيث وصل إلى مستوى لم يصله منذ عقدين، وحالياً يقارب الدولار قيمته، حيث اقترب اليورو من التكافؤ 1:1 أمام الدولار الأمريكي. اليورو والجنيه الإسترليني فقدا أكثر من 10% من قيمتهما منذ مطلع هذا العام، والين الياباني فقد أكثر من 15% من قيمته.

بعد هذا الانهيار الملحوظ لقيمة اليورو، نشاهد الآن أن الإعلام بدأ يسلط الضوء على اليورو، ولاحظنا أن الإعلام حالياً يركز على انهيار اليورو أكثر من العملات الرقمية المشفرة، التي نوعاً ما حافظت على قيمتها بعض الشيء في الأيام القليلة الماضية.

البيتكوين حافظت على قيمتها بمستويات 20 ألف دولار أمريكي برغم انهيار الذهب وبقية العملات الرئيسية ومؤشر داو جونز وناسداك وS&P500.

أسباب تسليط الإعلام الضوء على العملات الرقمية المشفرة في الفترة الماضية

لأن العملات الرقمية المشفرة تُعد من الأصول عالية الخطورة، لهذا كان انخفاضها أكثر حدة من الذهب وبقية الأصول، فكانت العملات الرقمية المشفرة أول من استسلم أمام قوة الدولار الأمريكي.

السبب الرئيسي كان التذبذب الحاد للعملات الرقمية المشفرة، وفي مقدمتها البيتكوين. والسبب الآخر هو أن العملات الرقمية المشفرة تعد من الأصول المالية الجديدة في عالم أسواق المال. والسبب الثالث هو الظهور الحديث للعملات الرقمية المشفرة حول العالم. والسبب الرابع هو أن هذه فرصة جيدة ينتظرها البعض من منتقدي العملات الرقمية المشفرة للهجوم عليها.

كان انخفاض البيتكوين لافتاً، لأنه انخفض من مستويات 69 ألف دولار أمريكي إلى مستويات ما يقارب 18 ألف دولار أمريكي.

كل هذه الأسباب مجتمعة جعلت العملات الرقمية المشفرة حديث الساعة في الإعلام الأجنبي والعربي. وبسبب انخفاض الذهب وبقية العملات الرئيسية أمام الدولار الأمريكي، انخفض الضغط نوعاً ما على العملات الرقمية المشفرة من قبل الإعلام.

وفي الختام، نوضح أن هذه المقالة ليست بصدد الدفاع عن العملات الرقمية المشفرة، بل توضيح ما يجري من تغييرات وعوامل أثرت على انخفاض أغلبية الأصول ومن ضمنها العملات الرقمية المشفرة.