شهدت مشاعر السوق تقلبات أفعوانية بحق خلال الأسبوع الماضي.
إذ قال الجميع إن وقت البيع قد حان بمجرد انخفاض سعر البيتكوين (BTC) عن مستوى الـ20 ألف دولار، بحجة أن سعر العملة في طريقه إلى الصفر. وباعوا حيازاتهم بالفعل، حيث وصل حجم خسائر الأسبوع الماضي، إلى نحو 20 مليار دولار.
وبعد عودة البيتكوين لاجتياز مستوى الـ20 ألف دولار مرةً أخرى، أصاب الهلع الجميع؛ ظناً أنها فرصتهم الأخيرة للشراء قبل أن ترتفع الأسعار بسرعة الصاروخ.
ولا شك في أن السيطرة على مشاعر المرء تمثل مهمةً صعبة، لكنها تظل أساسية في ظروف السوق الحالية.
ويُشير الواقع ببساطة إلى أن من استسلموا وانسحبوا من السوق في هبوطها الماضي فوّتوا فرصة تحقيق مكاسب مهولة بالسوق الصعودية الماضية.
ويُظهر الرسم البياني التالي أن مستثمري البيتكوين تكبدوا خسائر تتجاوز الـ7 مليارات دولار في غضون ثلاثة أيام فقط من الأسبوع الماضي.
وبلغ إجمالي الخسائر في الأسبوع نحو 20 مليار دولار. ومن المؤكد أنها خسارة مهولة، لكنه واقع الأسواق. إذ يشتري كثيرون بأسعارٍ مرتفعة ويبيعون بأسعارٍ زهيدة.
فالتزِم الهدوء، وحافِظ على اتساق خطة استثمارك. ولا تدمر مدخراتك باستثمار مبالغ أكبر أو أسرع من اللازم، أو باستخدام الرافعات المالية.
وتظل المخاطر الكبيرة قائمة بالتزامن مع استمرار اقتراب أحداث تخفيض المديونيات.
إذ تمتلك سيلزيوس Celsius مثلاً عملات بيتكوين بقيمة نصف مليار دولار مع سعر تصفية عند مستوى 13.600 دولار، وعملات سولانا (SOL) بقيمة 160 مليون دولار مع سعر تصفية عند مستوى 22.3 دولار، وعملات إيثريوم (ETH) بقيمة 140 مليون دولار مع سعر تصفية عند 895 دولاراً.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، لكنني أعتقد أن الصورة قد اتضحت بالفعل.
ومن المرجح أن تؤدي تصفية أي من هذه المديونيات إلى إطلاق سلسلة تصفيات مهولة.
فهل ستتمكن المنصات من إضافة ضمانات أكبر؟ وهل ستتمكن من تفادي الكارثة؟ لنأمل ذلك.
وللتذكرة، ما تزال الأوضاع مُزرية على مستوى السوق الكلية، حيث ما يزال التضخم متفشياً، بينما تنهار العقارات، فيما وصلت أسعار الأوراق المالية إلى الحضيض. وأصبحت أزمة الغذاء وشيكةً أيضاً، في حين تستعد الولايات المتحدة لدخول فترة ركود. فتقدَّم بحذر!
وكُن مستعداً على المستويين العقلي والمالي لجولات ارتفاع كبير، وسيكون بعضها كبيراً بدرجةٍ تُقنعك بأن الأسواق الهبوطية قد انتهت. لكن علينا التعامل بحذر في ظل عدم اليقين الحالي على المستوى الكبير، وحتى نحصل على بعض تأكيدات الصعود القوية.
انهيار بانكور Bancor
أوقفت بانكور منع الخسارة غير الدائمة بشكلٍ مؤقت، لأن أحد اللاعبين كان يسحب ويُفرّغ كميات مهولة من توكن بانكور (BNT) على ما يبدو، وتُشير الأدلة الموجودة على الشبكة إلى أن هذا اللاعب هو بروتوكول سيلزيوس.
وفُتِحَت في الوقت ذاته بعض مواقع البيع المكشوف الكبيرة على توكن بانكور، من أجل التربح من عملية التفريغ.
ولا شك في أنه أمرٌ سيئ للغاية.
إذ استخدمت بانكور من قبل وتحدثت عنها عدة مرات في هذه النشرة من قبل، لكن الأسواق الهبوطية لا ترحم أحداً. والأمر أشبه بالعدوى.
وبمجرد أن تبدأ المشكلات في محاوطة كبار اللاعبين، سيسحبون البقية للأسفل معهم مثل الرجل الغارق.
ونعلم أن بعض المحافظ المسؤولة عن ضغط البيع كانت مرتبطةً بسيلزيوس، لكن من المحتمل أن تكون هناك أطراف مسؤولة أخرى في ظل معاناة العديد من اللاعبين الكبار، مثل صندوق Three Arrows Capital الذي ينهار في الفترة الأخيرة وربما زاد من ضغط البيع.
ويُمكن القول إن زيادة ضغط البيع أكثر من اللازم بواسطة هذه الكيانات الكبرى، التي تمتلك ودائع بمئات الملايين من الدولارات على بانكور، ستجعل مهمة تغطية تجمعات السيولة باستخدام توكن بانكور مهمةً شديدة الصعوبة بالنسبة للبروتوكول على المدى القريب.
ويجب أن نوضح هنا أنه ما يزال بإمكانك السحب من بانكور حالياً، لكنك ستعاني في هذه الحالة من الخسارة غير الدائمة، وهي مخاطرةٌ لم ينتوِ كثير من المودعين تحمُّلها.
أما إذا أخرت عمليات السحب حتى يُعاد تفعيل الحماية من الخسارة غير الدائمة، فستظل محتفظاً بغطائك.
لكن السؤال هنا هو: إلى متى سيطول الانتظار؟
أعتقد أن بانكور ستفقد كثيراً من الثقة بسبب هذه الأزمة، لأنها ألغت قيمتها المقترحة الأساسية بينما السوق في أمسِّ الحاجة إليها.
وأُدرك بالمناسبة أننا قدَّمنا دليلاً لاستخدام بانكور الأسبوع الماضي، لذا فالأمر محبطٌ لنا بشكلٍ خاص.
ونحاول في هذه النشرة العثور على أفضل الفرص وأكثرها أماناً من أجلك في مجال التمويل اللامركزي، ولكن يجب أن نتوقع الأسوأ دائماً، خاصةً في الأسواق الهبوطية.
سوليند Solend
“أوشكت” منصة الإقراض سوليند، القائمة على شبكة سولانا Solana، أن تُصادر عملات سولانا بقيمة 160 مليون دولار من أحد الحيتان على منصتها.
وصرحت المنصة بأن سبب اقتراح هذه الفكرة المجنونة كان حماية المستخدمين، لأن حيازة هذا الحوت ستتعرض للتصفية في حال انخفاض سعر سولانا إلى أقل من مستوى 22.3 دولار، ولم تتمكن المنصة من التواصل مع الحوت رغم بذلها كل الجهود الممكنة.
كيف يمتلك شخصٌ 160 مليون دولار على وشك التصفية ثم يقرر الذهاب في عطلة دون أن يحمل هاتفه بحق السماء؟!
وكان من شأن خطوة كهذه أن تؤدي إلى كارثةٍ على البلوكتشين، بسبب حدوث تصفية من هذا الحجم في الأسواق.
بينما عُقِدَ تصويت بمشاركة حوتٍ آخر يُسيطر على نحو 90% من الأصوات على البلوكتشين. أي إننا أمام عرض للهراء في كل مكان.
ولا شك في أن محاولة الاستحواذ على أموال أحد المستخدمين، حتى وإن لم يحدث ذلك في النهاية، تبعث بصورةٍ سيئة للغاية عن منصة تداول “لا مركزية”.
وتواصَل الحوت مع سوليند قبل كتابة هذا التقرير؛ للبحث عن حلٍّ يساعده في تجنب التصفية وتخفيف المخاطر، ولكن يا لها من أحداثٍ جنونية تقع في مجال التمويل اللامركزي!
وتُثير هذه المسألة بعض النقاشات المثيرة للاهتمام حول التصرف الأمثل في هذه الحالة. فهل نتبع قاعدة “الشيفرة هي القانون” ونسمح بتصفية أموال الحوت، إضافة إلى 100 مليون دولار أخرى على الأقل من أموال المستثمرين الأصغر؟ أم هل من الأفضل أن تتدخل البروتوكولات لحماية صغار المستثمرين، حتى وإن كان هذا يُحوّلها إلى المركزية؟
تحديثات سيلزيوس
ما تزال حالة تجميد عمليات السحب على سيلزيوس جارية.
ولم تصل أي إعلانات كبرى جديدة خلال الأسبوع الجاري، باستثناء تعطيل صناع السوق الآليين AMA حتى يجري حل الموقف الحالي. ويتعاونون مع مجموعة Citi Group المصرفية حالياً من أجل إعادة هيكلة محتملة، ونأمل ألا يكون التعاون من أجل وضع خطة إعلان الإفلاس.
بينما نشهد محاولةً متزامنة من مستخدمي سيلزيوس لتحقيق موقفٍ يشبه ما حدث مع أسهم غيمستوب Gamestop، حيث يشترون توكنات سيلزيوس (CEL) بشكل جماعي ويحاولون تصفية كبار اللاعبين الذين يبيعون على المكشوف في السوق ويقامرون بمستقبل سيلزيوس ومستخدميها.
واقترح سيمون ديكسون خطة إنقاذ لسيلزيوس باعتباره مستثمراً بارزاً فيها من خلال منصته Bank To The Future، لكننا لا نعرف كثيراً من التفاصيل عنها بعد.
وشهدنا تنفيذ العديد من الخطط الكبرى الأخرى المشابهة في تاريخ العملات المشفرة، وأشهرها ما حدث مع بيتفينيكس Bitfinex بعد اختراقها وسرقة مبلغ مهول من عملات البيتكوين عام 2016.
وظنَّ الجميع أن بيتفينيكس قد انتهى أمرها آنذاك، لكنها ما تزال من أكبر المنصات بعد مرور عدة سنوات.
ونجحت خطة الإنقاذ آنذاك. لكن ليست لديَّ أدنى فكرة عما إذا كانت سيلزيوس تسعى إلى خطةٍ مماثلة، رغم أنها قد تمثل أحد سبل الخروج من هذا المستنقع.
فك ارتباط مزيد من العملات المدعومة بالدولار
عانت عملة ماجيك إنترنت موني (MIM) وعملة دولار ترون (USDD) من فك ارتباطها بالدولار الأسبوع الجاري.
ويبدو أن بعض الناس يعشقون الألم.
إذ ليست لدي أدنى فكرة عما قد يدفع المرء للثقة بأي منتج تقدمه منصة أبراكادابرا Abracadabra في حالة ماجيك إنترنت موني، خاصةً بعد أن سمح مؤسس المنصة دانيلي سيستاغالي لمحتالٍ متسلسل يعرفه، بالتحكم في 800 مليون دولار من أموال عملاء ميتافيرس ووندرلاند Wonderland.
وشخصياً، لن أقترب من هذه العملة مطلقاً لو سمعت أنباءً كهذه.
ويبدو أن السوق توافقني الرأي الآن مع تراجع رأس المال السوقي للعملة من 4.6 مليار دولار إلى 200 مليون دولار فقط. ومع ذلك، ما يزال البعض متمسكاً بها. وعملة دولار ترون هي العملة المستقرة الجديدة من جاستن سان.
إذ رأى عملة دولار تيرا (UST) وهي تحترق وتتحول إلى رماد، فرأى أنه سيكون من الجيد إطلاق عملة مستقرة مشابهة على شبكة ترون Tron.
ولن أقول سوى أن استخدام دولار ترون أشبه بالمقامرة، لأن عملةً مستقرة من هذا النوع ستكون جيدةً في الأسواق الصعودية، لكنها تنهار في الأسواق الهبوطية.
وكان يجب أن يمثل انهيار دولار تيرا صيحة استفاقة بالنسبة للمستثمرين، فاحذروا وقللوا المخاطر. والعملات المستقرة الوحيدة التي أستطيع التوصية باستخدامها أو حيازتها هي كوين الدولار الأمريكي (USDC)، ودولار بينانس (BUSD)، والداي (DAI)، إضافة إلى التيثر (USDT) إذا كنت مضطراً إلى ذلك.
حديثٌ جاد
علَّقت منصة الإقراض بابل فينانس Babel Finance، التي تُدير أصولاً بملياري دولار، عمليات السحب خلال الأسبوع الجاري.
بينما حصلت فوياجر Voyager للتو على قرضٍ بقيمة 485 مليون دولار من Alameda؛ لـ”تخفيف ظروف السوق”. لماذا؟ حسناً، لأننا عرفنا للتو أن فوياجر تأثرت بانهيار Three Arrows Capital بدرجةٍ هائلة.
فيما أطلقت بلوكفاي Blockfi جولة تمويل جديدة للتو بتقييم أقل من المرات السابقة، واضطرت المنصة إلى تسريح 20% من موظفيها أيضاً، فضلاً عن الغرامات الضخمة المفروضة عليها من هيئة الأوراق المالية والبورصات.
وأعلنت بلوكفاي للتو عن حصولها على تمويل إضافي بـ250 مليون دولار من Alameda.
ولا شك في أنها خطوات جيدة لتعزيز المنصة، لكنها تؤكد حجم معاناتها الحالية في الوقت ذاته. إذ لا تضطر الشركات إلى اقتراض هذه المبالغ، وإطلاق جولة تمويل بقيمةٍ لا تتجاوز ثُلث الجولة الماضية، في حال كانت أمورها تسير على ما يرام.
وإذا كنت ما تزال محتفظاً بأموالك لدى جهة إقراض مركزية، فيجب أن تسأل نفسك عن السبب.
وهل يستحق الأمر المخاطرة إذا كانت هناك فرصة 0.1% أن تقوم المنصة التي تستخدمها بتعطيل عمليات السحب؟
يمكنك أن تغادر الآن وتعود لاحقاً بعد انقشاع الغيوم، لأن راحة البال مهمة وضرورية.
وقد يكون خيارك الأفضل الآن هو تفويت عائد الفائدة على أصولك لبضعة أشهر.
وربما لا يحدث شيء لهذه المنصات وتسير الأمور على ما يرام في النهاية، لكن هل أنت مستعدٌّ لتحمُّل المخاطرة وسط انهيار كثير من المشاريع حالياً؟
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.