هل وصل البيتكوين إلى مستويات القاع؟

في هذه المقالة سوف نسلط الضوء على الأحداث التي جرت بعد اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم 15 يونيو/حزيران 2022، والأحداث المرافقة له وتداعياتها التي أدت إلى هبوط حر للبيتكوين إلى مستوى أقل من 19 ألف دولار أمريكي، والذي لم نشهده منذ نحو 18 شهراً.

فقد نال أغنياء العملات الرقمية المشفرة نصيب الأسد من هذه الخسائر، بعدما خسروا أكثر من نصف ثرواتهم منذ بداية عاصفة هبوط العملات الرقمية المشفرة.

في الـ15 من يونيو/حزيران، فاجأ البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسواق برفعه الفائدة 75 نقطة أساس، بعدما كانت التوقعات تشير إلى رفع الفائدة 50 نقطة أساس على الأكثر.

وهذه أول مرة يتم فيها رفع الفائدة بهذه النسبة منذ عام 1994، وكان هدف البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من هذا الرفع بهذه النسبة هو احتواء مستويات التضخم العالية والمصحوبة بالركود، الذي أصبح يهدد اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.

كابوس التضخم

التضخم أصبح بمثابة كابوس للعملات الرقمية المشفرة، لأنها هي التي تدفع ضريبة كبح التضخم.

فقدت عملة بيتكوين نحو 70% من قيمتها منذ وصولها لحاجز 69 الف دولار أمريكي، لأن هناك تغيراً كلياً من قبل البنوك المركزية بتشديد سياستها النقدية، وهو ما نشر حالة من الفزع من قبل أغلبية البنوك المركزية بسبب التضخم، وتحديداً بعد التحرك العنيف من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه الأخير.

يأتي هذا باستثناء بنك اليابان الذي يستمر في دعم اقتصاده عبر سياسة التحفيز، واستمرار البنك المركزي الياباني في سياسته التيسيرية لحد هذه اللحظة عكس بقية البنوك المركزية.

سقوط حر للبيتكوين بعد اجتماع “الفيدرالي الأمريكي”

وصرح رئيس مجلس الفيدرالي الأمريكي، جيرم باول، في الاجتماع الأخير لـ”الفيدرالي”، بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيواصل رفع أسعار الفائدة حتى ينخفض مستوى التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار جيرم باول أيضاً إلى أنه يحتاج إلى رؤية أدلة واضحة ومقنعة على أن مستوى التضخم يتراجع. هذا يعطينا كمتداولين ومستثمرين بالعملات الرقمية المشفرة، إشارة واضحة إلى أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في قادم الأيام، سيستمر في سياسته النقدية بوتيرة أشد مما سبق.

بذلك سنرى تحركاً عنيفاً لـ”الفيدرالي” في الأشهر القادمة، وهو ما يعني أن جميع العملات الرقمية المشفرة وفي مقدمتها البيتكوين، لم تصل بعدُ إلى القاع، وسيستمر نزيف قيمتها.

أيضاً خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في اجتماعه الأخير، سقف توقعات نمو الناتج المحلي لعام 2022 من 2.8% إلى 1.7%.

وذكر أيضاً رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيرم باول، أن من أولويات البنك الاحتياطي الفيدرالي كبح التضخم ووصوله الى الهدف المنشود وهو 2%، والآن التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية 8.6%. وذكر أيضاً أنه في الاجتماع القادم لـ”الاحتياطي الفيدرالي” سيتم رفع 75 نقطة أساس.

هذه إشارات واضحة إلى أننا مقبلون على الركود التضخمي الذي أصبح أمراً لا مفر منه، وهو ما يعني استمرار نزيف قيمة العملات الرقمية المشفرة وفي مقدمتها البيتكوين، التي لن تسلم هذا العام أبداً من ضربات قاسية من قِبل “الفيدرالي”.

لماذا رفعت البنوك المركزية العربية الفائدة مزامنة مع “الفيدرالي الأمريكي”؟

كانت ردود فعل البنوك المركزية في السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين والكويت والأردن متناغمة مع الفيدرالي الأمريكي، في قيامها برفع نسب الفائدة بشكل متزامن مع رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي 75 نقطة أساس، يوم 15 يونيو/حزيران؛ من أجل الحفاظ على السيولة الموجودة في هذه البنوك المركزية دون التوجه صوب الفيدرالي الأمريكي.

وهنا يجب أن تكون على دراية بأن البنوك المركزية العربية التي رفعت نسبة الفائدة أيضاً، تشكل ضغطاً بصورة غير مباشرة على العملات الرقمية المشفرة، لأن أغلب المستثمرين سيلجأون إلى الاحتفاظ بأموالهم في البنوك المركزية بدلاً من المخاطرة في العملات الرقمية المشفرة التي تعد عالية الخطورة.

أهم الأسئلة التي تأتيني من قبل من متابعيّ هي: هل حان وقت الشراء والاستثمار في العملات الرقمية المشفرة وفي مقدمتها البيتكوين، بعد هذا السقوط الحر؟

إجابتي عن هذا السؤال هي أن نتريث في شراء الأصول الرقمية المشفرة، لأنه ببساطة لم ولن تكتفي البنوك المركزية وفي مقدمتها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، برفع نسبة الفائدة.

لأنه حسب المعطيات المتوافرة، فإن تشديد السياسة النقدية سيستمر من بوابة رفع نسبة الفائدة حتى العام القادم، وتحديداً في الاجتماع القادم للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث سيرفع نسبة الفائدة 75 نقطة أساس، ومن ثم سيخفض رفع نسبة الفائدة، في ذلك الحين سيكون مناسباً جداً شراء الأصول الرقمية المشفرة، لأنها حينها ستصل إلى القاع.

أيضاً البيتكوين باتت قريبة من الهدف الذي ذكرناه في مقالتنا السابقة، وهو الوصول إلى مستويات 10 آلاف دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تحقق هذا الهدف خلال هذا العام.

لذلك نحذّر جميع المتداولين والمستثمرين من أن البيتكوين وبقية العملات الرقمية المشفرة لم تصل بعدُ إلى القاع، وسيستمر نزيف البيتكوين ما دام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبقية البنوك المركزية مستمرة في تشديد سياستها النقدية.