في هذه المقالة سوف نُسلط الضوء على الركود التضخمي وتداعياته على الاقتصاد العالمي وعلى العملات الرقمية المشفرة بشكل أخص.

فمن المهم جداً لكل متداول ومستثمر في العملات الرقمية المشفرة أن يعلم ما هو الركود التضخمي وتداعياته، وأن يكون لديه ثقافة اقتصادية، وأن يعرف ما يجري من أحداث في اقتصادات الدول؛ إذ إنه من الخطأ أن تهتم فقط بأخبار العملات الرقمية المشفرة دون سواها.

لذلك من المهم جداً أن تعرف أن تداعيات الركود التضخمي ستؤثر على كل الأصول المالية، ومن ضمنها العملات الرقمية المشفرة. فالركود التضخمي هو تباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع التضخم معاً.

لماذا اقتصادات الدول المتقدمة متخوفة من حدوث أزمة الركود التضخمي؟

اقتصادات جميع الدول والمؤسسات المالية متخوفة من حدوث أزمة الركود التضخمي؛ لأن تداعياته ستكون مؤذية جداً لجميع اقتصادات الدول، خصوصاً أنها حتى هذه اللحظة لم تتعافَ بشكل كامل من تداعيات أزمة جائحة كوفيد 19.

حتى البنك الدولي حذر من أن ارتفاع تكاليف الإقراض العالمية قد يؤدي إلى أزمات مالية. وأيضاً يرى البنك الدولي في تقريره أن الاقتصاد العالمي مقبل على الركود التضخمي؛ لأنه يرى هناك تراجعاً للنمو العالمي مع زيادة حدة التضخم خلال هذا العام، وبالتالي سيسبب ركوداً تضخمياً.

ووصف بنك جي بي مورغان التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي بالإعصار، داعياً البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لاتخاذ إجراءات صارمة لتجنُّب إيقاع الاقتصاد الأمريكي في براثن الركود.

يوم الجمعة الماضي 10 يونيو/حزيران، جاء تقرير مؤشر أسعار المستهلكين للولايات المتحدة الأمريكية لشهر مايو/أيار عند أعلى مستوى له منذ عام 1981. وهو ما ضغط على سوق جميع البورصات حول العالم وفي مقدمتها بورصة وول ستريت.

أيضاً تأثرت العملات الرقمية المشفرة، وفي مقدمتها البيتكوين، بصدور هذا الخبر، فانخفضت قيمة البيتكوين إلى مستويات 28 ألف دولار في حينها. في الوقت الحالي البيتكوين على أعتاب 24 ألف دولار أمريكي.

وأظهر التقرير ارتفاع الأسعار بنسبة 8.6% على أساس سنوي. ارتفاع بهذه الوتيرة السريعة أربك جميع الأصول المالية وتحديداً الأصول عالية المخاطر. ورغم تشديد السياسة النقدية من قِبَل أغلب البنوك المركزية، وفي مقدمتها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؛ حيث وصلت نسبة الفائدة إلى 1%، لكن هذا لم يُجدِ نفعاً، مما سيضطر البنك الاحتياطي الفيدرالي للمسارعة برفع نسب الفائدة بمعدلات أعلى، كي يوقف حدة التضخم.

هذا ستكون له تداعياته السلبية على الاقتصاد، مما سيسبب حدوث أزمة الركود التضخمي؛ لأن رفع الفائدة سيكون بشكل غير سليم وسلس، بالتالي ستضعف القوة الشرائية للفرد، وبالتالي سيضعف الإقبال على شراء العملات الرقمية المشفرة.

ومن جهة أخرى، سيضطر الحيتان المتواجدون في بورصة العملات الرقمية المشفرة للهروب من بورصة العملات الرقمية المشفرة التي تعد عالية المخاطر، والتوجه صوب الملاذات الآمنة كالذهب والدولار.

البنك المركزي الأوروبي أيضاً دخل خط المواجهة أمام العملات الرقمية المشفرة بصورة غير مباشرة مع إعلانه أنه قريباً سيبدأ بتشديد سياسته النقدية من بوابة رفع الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس.

في الظرف الحالي، فإن كل قرار يصدر من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ستكون له تداعياته على جميع اقتصادات الدول والأصول المالية، ومن ضمنها العملات الرقمية المشفرة. نلاحظ أن هناك ضغوطاً قوية على البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتشديد سياسته النقدية بشكل أكبر من أجل كبح التضخم.

يوم 15 يونيو/حزيران، سيكون يوماً مهماً جداً لكل متداول ومستثمر بالعملات الرقمية المشفرة؛ لأنه سيكون موعد اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي وقرار رفع نسبة الفائدة. ومن المتوقع أن يتم رفع نسبة الفائدة 50 نقطة أساس أو أكثر، وهذا سيكون له تداعيات سلبية على العملات الرقمية المشفرة، التي ستواجه وقتها موجة هبوطية خلال الأيام المقبلة.

لعنة الحرب الأوكرانية على العملات الرقمية المشفرة

تداعيات أزمة الحرب الروسية الجارية على أوكرانيا مؤذية جداً، خصوصاً على العملات الرقمية المشفرة؛ إذ أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة إلى مستويات قياسية. إضافة إلى أزمة اضطرابات سلاسل التوريد والإغلاقات المستمرة في الصين بسبب جائحة كوفيد 19.

كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع الأسعار ووصول التضخم إلى حد الذروة منذ عقود. مؤخراً ارتفع سعر النفط إلى مستويات 120‪ دولاراً للبرميل، مما دفع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى مستويات قياسية.

وبالتالي سيجبر البنوك المركزية على أن تكون سياستها النقدية أشد مما سبق، وبالتالي عند ارتفاع نسبة الفائدة من قِبَل بنوك المركزية، بالتالي يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من الأصول عالية المخاطر كالعملات الرقمية المشفرة والأسهم وتحديداً مؤشر ناسداك.

سابقاً كان هناك توقُّع لرفع نسبة الفائدة 50 نقطة أساس مع رفع في نهاية العام 25 نقطة أساس من قِبَل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. الآن الأحداث تشير إلى احتمالية رفع الفائدة ثلاث مرات بنسبة 50 نقطة أساس. وبالتالي هناك احتمالية أن يتسبب ذلك بركود تضخمي في الولايات المتحدة الأمريكية.

لهذه الأسباب، فإن جميع الاقتصادات متخوفة من حدوث هذه الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن شظايا نيرانها ستصل إلى جميع أرجاء العالم. وشرارة هذه النيران ستصل إلى الأصول الرقمية أيضاً.

لهذه الأسباب على كل متداول ومستثمر الاهتمام ومتابعة هذا الموضوع ببالغ الأهمية؛ لأن تداعياته مؤثرة جداً على العملات الرقمية المشفرة.

فهل وصلت حدة التضخم إلى الذروة أم ستستمر حدته في الصعود؟

وهل سيرفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الاجتماع القادم 50 نقطة أساس أم أكثر من أجل كبح التضخم؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.