مع مرور الزمن تحوّلت النقود من العملات المعدنية إلى الورقية، والآن هي مقبلة باتجاه العملات الرقمية، لكن هناك فئة لا تزال غير متقبلة لفكرة العملات الرقمية المشفرة، وحتى هذه اللحظة لم يتقبل البعض الفكرة بسبب مصالحهم الشخصية، وهم من رؤساء المؤسسات المالية، بالإضافة لبعض فئات المجتمع غير المتقبلين لأن تدفع الأموال من دون أن تلمس كالعملات الرقمية المشفرة.

أيضاً البعض من المجتمع غير مقتنع بأن العملات الرقمية المشفرة ستكون هي عملات المستقبل، لكن عندما نشاهد التاريخ وكيف تطور النظام المالي عبر الزمن في حينها سنفهم أن النظام المالي العالمي متجه إلى رقمنة نظامه المالي، سواء أكانت عملات رقمية غير مشفرة خاضعة لسيطرة الدولة من خلال البنك المركزي، أو عملات رقمية مشفرة لا مركزية تابعة لشركات أو أفراد.

في المقابل، هناك فئة متقبلة لفكرة العملات الرقمية المشفرة ومؤيدة لها، نلاحظ أن أغلب هذه الفئة هم من جيل القرن الحادي والعشرين، الذين تربّوا وترعرعوا بوجود التكنولوجيا والعولمة وعايشوها وهم متأثرون بها بشكل كبير.

الكثير يسألونني من فئة غير المقتنعين بالعملات الرقمية المشفرة: كيف نؤمن بالعملات الرقمية المشفرة وهي غير ملموسة؟

إجابتي ببساطة: نعم صحيح أن العملات الرقمية المشفرة غير ملموسة، ولكن بنفس الوقت نحن قادرون على شراء أشياء ملموسة بواسطة هذه العملات الرقمية المشفرة.

هنا أوجه سؤالاً لأولئك غير المقتنعين بالعملات الرقمية، سواء أكانت مشفرة (غير خاضعة للدولة) أو غير مشفرة (خاضعة للدولة)، لماذا لم يُبقِ العالَم على العملات المعدنية وتحوّل إلى طباعة العملات الورقية؟ الجواب ببساطة أن النظام المالي العالمي مر بمراحل تطور، والتحول لهذا النظام كان له فوائد عديدة، فالعملات الورقية ذات كلفة منخفضة مقارنة بالعملات المعدنية التي تكون باهظة الثمن، لأنها كانت مصنوعة من الذهب أو الفضة.

عندما نرجع للتاريخ نرى أن المجتمع أيضاً لم يكن متقبلاً للعملات الورقية التقليدية، بل كانوا يفضلون نظام المقايضة، فعانى النظام المالي العالمي كثيراً إلى أن تطور إلى هذه المراحل المتقدمة.

علماً أن هولندا هي أول من أسّس البنك المركزي، وكان ذلك في عام 1609، وأسهم في تحسين اقتصاد هولندا آنذاك.

في البداية كانت البنوك المركزية تطبع النقود الورقية مقابل امتلاكها احتياطياً من الذهب، لكن أثناء الحرب العالمية الثانية، وتحديداً عام 1944، وبحضور أكثر من 730 مندوب من 44 دولة عقدت اتفاقية “Bretton woods”، وتم الاتفاق على النظام المالي العالمي الجديد في حينها.

في الاتفاقية، تم الاعتماد على الدولار كعملة بديلة للمعدن النفيس الذهب في العالم، قبل فضيحة الرئيس الأمريكي نيكسون أثناء حرب فيتنام في عام 1971، حين أعلن الرئيس الأمريكي أنه تم طباعة الدولار بدون أي غطاء من الذهب.

وحتى هذه اللحظة تتم طباعة الدولار بدون أي غطاء من الذهب، والعالم أجمع تقبل الأمر حتى هذه اللحظة، بأن الدولار هو المهيمن والمسيطر على النظام المالي العالمي.

وتنقسم العملات الورقية التقليدية إلى عملات بسعر صرف ثابت مربوطة بالدولار الأمريكي، والبعض الآخر معوم وتتأثر قيمته بالتضخم ومعدلات النمو والسياسات النقدية من قبل البنوك المركزية. بالتوازي فإن العملات الرقمية غير المشفرة الخاضعة للبنوك المركزية هي على غرار العملات الورقية التقليدية أيضاً ستتأثر بالتضخم ومعدلات النمو والسياسات النقدية من قبل البنوك المركزية، وكلما كان البنك المركزي بعافيته وقوياً ستكون العملة قوية.

أما العملات الرقمية المشفرة فالوضع مختلف تماماً، بدلاً من أن تكون البنوك المركزية هي المرجع لها فهناك تقنية بلوكتشين، التي تتحمل المسؤولية، وتكون المرجع للعملات الرقمية المشفرة. وكلما كانت تقنية بلوكتشين قوية ستكون العملة الرقمية المشفرة قوية، وبالتالي سترتفع قيمتها مثل عملة إيثريوم وسولانا.

تصريحات المؤثرين بالنظام المالي العالمي

البعض يتأثر بتصريحات المؤثرين في النظام المالي العالمي، مثل بعض رؤساء البنوك المركزية، ويستندون على تصريحاتهم، التي دائماً ما تكون عنيفة حيال العملات الرقمية المشفرة، لكن لو فكرنا لدقيقة واحدة فقط لا أكثر سنرى أنه من المنطقي أن يتهجموا بشكل عنيف على العملات الرقمية المشفرة، لأنها تمثل تهديداً مباشراً لمؤسساتهم المالية.

فأنت كفرد يجب ألا تندفع كثيراً، وألا تتأثر بهذه التصريحات، فعليك أن تكون أكثر نضجاً في التفكير والتحليل.

ويجب أن تعلم أن العملة الرقمية إن كانت مشفرة أو غير مشفرة فلها فوائد عديدة، من ضمنها أنها لا تتعرض للتلف كالعملات الورقية، وبإمكانك حمل مبلغ كبير، وسهولة التحويل دون التعرض للبيروقراطية من قبل وسيط ثالث (بنك).

كذلك أنت لا تتعرض للتزوير مثل العملات الورقية التقليدية، لأن تقنية بلوكتشين تعد صمام الأمان للعملات الرقمية المشفرة، ولحماية مالكي العملة من أي تزوير واختراق.

البنوك المركزية تعتبر الدستور والعمود الفقري للعملات الورقية التقليدية، أما العملات الرقمية المشفرة فعمودها الفقري هو تقنية اللامركزية، سلاسل الكتل بلوكتشين. يجب أن تعلم أن النظام المالي العالمي مر بمراحل تطور عديدة حتى وصل إلى هذه المرحلة الحالية التي نعايشها، وستستمر بالتطور، وتعد هذه المرحلة أكثر حساسية من أي وقت مضى.

فهل أنت مع المركزية أم اللامركزية؟

وهل أنت مع هيمنة الحكومات على نظام المالي أم تحرره من قبضتها؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.