كانت المصارف والجهات التنظيمية في الشرق الأوسط أبطأ في تبنّيها للعملات المشفرة من أوروبا والولايات المتحدة. وقُبيل تفشي الجائحة، كان سوق العملات المشفرة في الشرق الأوسط ما يزال في مهده. لكن العامين التاليين شهدا تطوراتٍ سريعة، لنصل إلى عام 2022 الذي سيشهد تحوُّل الحماس المحيط بإمكانات العملات المشفرة إلى قيادةٍ صناعية.

تقول أريج الشكر، نائبة ‬رئيس‭ ‬الخدمات‭ ‬التطويرية‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬البحرين‭ ‬للتنمية، ومديرة صندوق الصناديق-الواحة البحريني، في مقال لها على موقع Wamda، إننا شهدنا على مدار الـ12 شهراً الماضية علامات متزايدة على أن العملات المشفرة في الشرق الأوسط بدأت تتطور متحولةً من مفهومٍ ناشئ إلى جزءٍ طبيعي في الحياة اليومية.

حيث برزت العديد من منصات تداول العملات المشفرة وبدأت في جمع الأموال، مثل بت أُواسيس BitOasis، وكوين مينا CoinMENA، ويوشي ماركتس Yoshi Markets. ولا شك أن الأنباء التي وصلت من البحرين مؤخراً، في ما يتعلق بمنصة رين Rain، تمثل أحد أوضح المؤشرات على استعداد العملات المشفرة للانطلاق؛ إذ تُعَدُّ رين أول منصة عملات مشفرة متوافقة مع الشريعة الإسلامية في المنطقة.

وتتمتع المنصة بدعم صندوق الصناديق-الواحة البحريني، وVentureSouq، وMiddle East Venture Partners، و500 Startups. وقد جمعت المنصة 110 ملايين دولار في جولة التمويل الثانية (السلسلة ب) التي قادتها شركة Kleiner Perkins وصندوق Paradigm، أكبر صندوق للعملات المشفرة في العالم. وتُعَدُّ هذه الجولة من أكبر صفقات الاستثمار لأي شركةٍ ناشئة داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تُمثّل سابقةً لما سيتبعها في سوق العملات المشفرة بالمنطقة.

وتُعتبر منطقة الخليج العربي، والبحرين تحديداً، رائدةً في مجال التكنولوجيا المالية بالفعل. بل ويتوسّع القطاع في الواقع بمعدل نموٍ سنويٍ مركب يبلغ 30%. ولا شك أنّ الإطارات التنظيمية المرنة، والتحول الرقمي السريع، إضافةً إلى الاهتمام الكبير بالابتكار في القطاع المالي تمثل بعض العوامل التي تلعب دوراً في المكانة الناشئة للمنطقة باعتبارها مركزاً للتكنولوجيا المالية، حيث يمكن لتقنياتٍ مثل الصيرفة المفتوحة والعملات المشفرة أن تزدهر.

وتتلقى العملات المشفرة قدراً أكبر من الاستثمارات والدعم عبر الكيانات التقليدية في سوق المال الشرق أوسطي، بالتزامن مع قبولها داخل الدول وبدء الترويج للتحول إلى المعاملات الرقمية. كما تساعد اللوائح الموضوعة على صعود مجموعات التشفير، مما سيكون له تأثير كرة الثلج على صعود العملات الرقمية.

إذ أنشأت الحكومة في الإمارات منطقة تشفيرٍ خاصة داخل مركز دبي التجاري العالمي، حيث جرى تنظيم العملات المشفرة وغيرها من الأصول الافتراضية. وحصلت منصة إف تي إكس، إحدى أكبر منصات التداول العالمية، مؤخراً على رخصةٍ للعمل داخل الإمارات. في حين وقعت منصة بينانس Binance الشهيرة عقداً لتطوير مركزٍ صناعي جديد مخصص للابتكار الرقمي والعملات المشفرة داخل الإمارات. كما أجاز مصرف البحرين المركزي عمل بينانس، في أول موافقةٍ حكومية يحصل عليها كيانٌ تابع للشركة داخل الشرق الأوسط.

من ناحيةٍ أخرى، تحاول السعودية أيضاً تقديم نفسها كمركزٍ مستقبلي للعملات المشفرة الصاعدة بقوة، وذلك بفضل استراتيجية تبنّي المعاملات الرقمية التي تأتي ضمن جهودها لتنويع الاقتصاد. حيث أعلن البنك المركزي السعودي العام الماضي أنه سيطبق سياسة المصرفية المفتوحة، مما أثار موجةً من التنافس والشفافية المتزايدة في ما يتعلق ببيانات المعاملات المالية.

بينما تأتي البحرين في طليعة نهضة التشفير الوشيكة بالمنطقة، باعتبارها رائدةً في هذا المجال؛ إذ أمّنت المملكة وصولها إلى الأسواق الأوروبية عبر كوين مينا، وهي منصة تداول محلية حصلت على ترخيصٍ من الاتحاد الأوروبي. ويُمهّد هذا الترخيص الطريق أمام التوسع داخل دولٍ جديدة، كما يزيد من عدد الأصول المشفرة على المنصة. ويُمكن القول إن كوين مينا كانت أسرع منصات تداول العملات المشفرة نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نمت بمعدلٍ متوسط يبلغ 140% شهرياً.

كذلك أطلق مصرف البحرين المركزي منصة FinHub 973، وهي أول منصة تكنولوجيا مالية افتراضية من نوعها تسمح للشركات باختبار حلولها في الإطار التنظيمي التجريبي (Regulatory Sandbox)، والاتصال مع شبكة المنصة العالمية بحثاً عن التمويل وفرص الأعمال. وتركز المنصة في الأساس على دعم الابتكار في القطاع، كما تقدم مثالاً جيداً على القوى المحركة لمشهد التحول التكنولوجي المالي في المنطقة.

ويُشير تطوُّر مشهد التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط إلى عزم الحكومات، والجهات التنظيمية، والقطاعين العام والخاص على تبنّي ودعم الابتكار الرقمي. ومن الواضح أن الدول باتت تعترف الآن بقيمة العملات المشفرة والكيفية التي ستغير بها المعاملات الرقمية من طريقة تبادلنا للأموال والسلع.

وقد لا يكون التبني المتزايد للعملات المشفرة في منطقة الخليج العربي أمراً مفاجئاً في الواقع، نظراً لوجود مختلف الرؤى والاستراتيجيات الوطنية المصممة من أجل جذب الشركات الجديدة ودعم تنويع الاقتصاد وسط المنافسة المتزايدة.

ولكن العام الماضي أوضح لنا أن وتيرة التغيير تتسارع. وبالتزامن مع تبني ورعاية القوى الاقتصادية الرئيسية في الشرق الأوسط للعملات المشفرة بشكلٍ متزايد على مدار الـ12 شهراً المقبلين؛ يمكننا أن نتوقع بلوغ السوق لسن الرشد في المنطقة ومساهمته بشكلٍ بارز في النمو والتنمية إجمالاً.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.