تسبَّب التوتر الحاصل بين أوكرانيا وروسيا وما شهده اليومان الماضيان من هجوم روسي على أوكرانيا في حدوث هبوط حاد للعملات الرقمية المشفرة والأسهم والبورصات العالمية أيضاً.
هذه الأزمة أثرت بشكل سلبي على العملات الرقمية المشفرة نتيجة ما يصاحبها من تداعيات وتوترات جيوسياسية؛ مما عرضها لموجة هبوطية حادة وعنيفة بشكل متتالٍ خلال هذه الفترة القصيرة.
ويجب أن نعلم أن تحركات العملات الرقمية المشفرة علاقتها طردية مع أسهم التكنولوجيا، وعلى رأسها مؤشر ناسداك، الذي يعد مؤشراً للشركات التكنولوجيا المكونة من 100 شركة مختصة بالتكنولوجيا. ففي وقت الحروب والتوترات الجيوسياسية تنخفض الأسهم، وشيء طبيعي أن تصطحب معها انخفاض العملات الرقمية المشفرة في تحركاتها في أسواق المال.
ولكن الجديد في الساحة وهو العملات الرقمية المشفرة، ربما لأول مرة تشهد توتراً كهذا؛ مما جعلها بموقف محرج جداً لا تحسد عليه. ويجب أن نعلم أن أوكرانيا تعد من الدول المؤيدة والداعمة للعملات الرقمية المشفرة، وأيضاً روسيا تعد من الدول الكبرى التي تحتضن مزارع تعدين البيتكوين، ولذلك فإن تأثير هذا التوتر كان كبيراً ومباشراً على العملات الرقمية المشفرة.
ولكن خلال الأيام الأخيرة، اشتدت الأزمة أكثر من المتوقع، ونحن نشهد أياماً عصيبة هذه الفترة، وربما سيمتد التأثير لفترة أطول على سوق الكريبتو، مما سيلقي بظلاله السلبية على العملات الرقمية المشفرة.
وفي خضم هذه الأزمة، اعترف الرئيس الروسي بوتين قبل عدة أيام باستقلال بإقليمي دونيتسك ولوغانسك، والتي تُقدر بـ 8.8% من مساحة أوكرانيا، وهو ما تفاعلت معه العملات الرقمية المشفرة بشكل سلبي. وتتعرض لحد لحظة كتابة هذه المقالة- العملات الرقمية المشفرة إلى موجة هابطة.
ولم تكتفِ هذه الموجة الهابطة التي حدثت قبل عدة أيام، ولكن أمس الخميس دقت طبول الحرب وبدأت القوات الروسية والانفصاليون باجتياح أوكرانيا بدءاً من القصف الجوي وإنزال بري أيضاً.
عامل الخوف
عامل الخوف مسيطر على المستثمرين بالعملات الرقمية المشفرة خلال هذه الفترة، وارتفع مؤشر الخوف “VIX” إلى مستويات عالية؛ إذ نشاهد انخفاضات حادة لأسعار أغلب العملات الرقمية المشفرة وفي مقدمتها البيتكوين والإيثيريوم وسولانا والقائمة تطول بقية العملات الرقمية المشفرة.
فقد أصاب المستثمرين بالعملات الرقمية المشفرة حالةٌ لا يقين بسبب هذه أزمة، وأيضاً قرب تشديد السياسة النقدية من قِبل البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وتحديدا يوم أمس، بعد نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
إصابة المستثمرين في العملات الرقمية المشفرة بالهلع والذعر تسببت في خروج رؤوس أموال كبيرة من سوق الكريبتو. فقد تفاعلت العملات الرقمية المشفرة مع هذا الاجتياح بشكل سلبي، وفاقمت خسائرها بشكل ملحوظ، وانخفضت قيمة عملة البيتكوين بحدود 34 ألف دولار أمريكي، وكذلك انخفضت قيمتها السوقية إلى أقل من 700 مليار دولار أمريكي.
وأيضاً انخفضت عملة إيثيريوم بحدود 2300 دولار أمريكي وقيمتها السوقية انخفضت إلى مستويات 290 مليار دولار أمريكي، وأيضاً عملة سولانا تعرضت إلى هبوط حاد ووصلت إلى مستويات 77 دولاراً أمريكياً وقيمتها السوقية هبطت إلى مستويات 26 مليار دولار أمريكي.
روسيا وموقفها من العملات الرقمية المشفرة
ذكر البنك المركزي الروسي قبل مدة من بداية هذا العام أنه يدرس حظر تداول العملات الرقمية المشفرة وحظر التعدين بعملة البيتكوين أيضاً.
ولكن لحد هذه اللحظة الاقتراح لم يُنفذ، علماً أن روسيا تعد من الدول الكبار التي تستثمر في مزارع التعدين بعملة البيتكوين، وعلماً أن الاقتراح كان قبل بدء أزمة أوكرانيا، الآن الوضع مختلف، فليس من مصلحة روسيا حظر العملات الرقمية المشفرة.
ومن المتوقع أن يغير البنك المركزي الروسي رأيه، لأنه يعيش في حالة إرباك بعد انخفاض قيمة الروبل بعد الاجتياح الروسي، وأن يقوم بالاعتراف بالعملات الرقمية المشفرة لتكون وسيلة لمواجهة المحور الغربي اقتصادياً.
العقوبات الاقتصادية
ولكن في حال تعقدت الأزمة أكثر والعقوبات التي تلوح بالأفق من قِبل الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث صدرت عقوبات اقتصادية ومالية قاسية على روسيا، فسيكون الخيار الأفضل لروسيا هو اللجوء إلى العملات الرقمية المشفرة والاعتراف بها كعملات قانونية والاستثمار فيها.
هذا من أجل تجنب بعض الشيء من هذه العقوبات الاقتصادية والمالية من قِبَل محور الغرب، والتي تلقي بظلالها بالسلب على الاقتصاد الروسي؛ مما يؤدي إلى انكماش اقتصادها، فهل ستلجأ روسيا إلى الاعتراف بالعملات الرقمية المشفرة؟ وهل في حال اعتراف روسيا بالعملات الرقمية المشفرة ستخرج العملات الرقمية المشفرة من مأزق الهبوط الحاد؟ أم سيكون تأثيرها ضئيلاً على العملات الرقمية المشفرة بسبب تهاوي الاقتصاد الروسي وبسبب قرب تشديد السياسة النقدية من قِبل بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي؟
وبالنهاية، تعد أزمة أوكرانيا وروسيا بمثابة اختبار للعملات الرقمية المشفرة، لأن هذه أول حرب عسكرية تشهدها العملات الرقمية المشفرة عبر تاريخ العصر الذهبي للعملات الرقمية المشفرة.
فهل العملات الرقمية المشفرة قادرة على الصمود أم ستتعرض إلى نكسة كبيرة لم تشهدها من قبل بعد الاكتساح الكبير للعملات الرقمية المشفرة في سوق المال الذي بدأ من عام 2020 مزامنة مع أزمة جائحة فيروس.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.