في يوم الأربعاء، الثامن من ديسمبر/كانون الأول، استضافت لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي جلسة استماع حول العملات المشفرة والتكنولوجيا المالية، في أعقاب نشر تقرير وزارة الخزانة عن العملات المستقرة الشهر الماضي.

وحضر المسؤولون التنفيذيون لكبرى الشركات في الصناعة -بيتفيوري Bitfury، وسيركل Circle، وكوين بيس Coinbase، وإف تي إكس FTX، وباكسوس Paxos، وستيلار Stellar- من أجل مناقشة مخاطر العملات المستقرة وتكنولوجيا العملات المشفرة، وتحديد فرص تحسين حماية المستهلك ومنع الأنشطة غير الشرعية مثل: الاستهداف ببرامج الفدية، وغسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، بحسب مجلة Foreign Policy الأمريكية.

وما يزال الدولار الأمريكي في الوقت الحالي هو عملة الاحتياطي العالمي، لذا فإنّ نهج تعامل الكونغرس مع صناعة العملات المشفرة سيؤثر على نهج الدول الأخرى؛ مما يجعل الولايات المتحدة مسؤولةً عن وضع معايير هذا المجال. ويجب على المشرعين حالياً أن يفهموا عالم العملات المشفرة سريع الحركة، إلى جانب وضع قواعد واضحة من أجل الموازنة بين الابتكار وتقليل المخاطر.

إذ إنّ قدرة العملات الرقمية على تقويض السيطرة المفروضة على النظام المالي، وبالتالي القضاء على قوة العقوبات، تُمثّل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة. وفي غياب التحرك الحاسم، قد نجد السوق الأمريكي خاضعاً لحوكمة أُطر العمل الأجنبية.

وقد تكون العملات المستقرة في مهد تطورها، لكن قيمتها السوقية تحوم حول الـ150 مليار دولار، كما تحمل في طياتها وعوداً مستقبلية بتسهيل المدفوعات عبر الحدود مقابل رسوم معاملات أقل. ومع ذلك، فإنّ تحكُّم الشركات الخاصة في إصدار والإشراف على العملات المستقرة قد أثار المخاوف من أنّها ستقوض العملات النقدية وتُضعف السياسة المالية العالمية. 

كما أثار النقاد تساؤلات أخرى حول دعم العملات المستقرة، الذي قد يُشكل خطراً في حال عَجِز المستهلكون عن استبدال النقود بالتوكنات. وفي أكتوبر/تشرين الأول مثلاً، فرضت لجنة تداول السلع الآجلة غرامةً قدراً 41 مليون دولار على شركة تيثر Tether صاحبة عملة التيثر المستقرة (USDT)، بسبب كذب الشركة بشأن احتياطياتها من عملة الدولار الأمريكي.

ولا تمتلك الولايات المتحدة حتى الآن إطاراً تنظيمياً شاملاً للعملات المستقرة؛ إذ تقع العملات المشفرة تحت العديد من التعريفات القانونية وفقاً لاستخدامها، مما يترك الوكالات الفيدرالية في حالة تسابق من أجل فرض السلطة على هذه الصناعة.

وقد مرّرت إدارة بايدن مشروع قانون البنية التحتية بقيمة تريليون دولار أمريكي الشهر الماضي، وكان يتضمن بعض الأحكام المتعلقة بضرائب العملات المشفرة، لكن طريقة فرض تلك الضرائب ما تزال غير واضحة. بينما تعطّلت التشريعات الأخرى المرتبطة بتنظيم العملات المشفرة في الكونغرس.

وفي الوقت ذاته، وصف كبار قادة الصناعة آخر مشروع قانون مقترح، قانون العملات المستقرة STABLE Act، بأنّه “كارثة”؛ إذ جادلوا بأنّه سيعوق الابتكار وسيمنع الأفراد من المشاركة في شبكات العملات المشفرة.

ولن يحصل الكونغرس على كافة الإجابات المرتبطة بتنظيم العملات المستقرة قريباً، لكن جلسة الاستماع اليوم تبدو خطوةً في الاتجاه الصحيح من أجل التطرق للمناطق الرمادية القانونية في ما يتعلّق بالعملات المشفرة.

كما تُشير الجلسة كذلك إلى أنّ العملات المستقرة قد صارت رائجة، بدليل أنّ نقاشات السياسة بدأت تتوسّع ببطء من الشركات المنفردة لتشمل القطاع بأكمله. ونحن ننتظر من تلك الجلسة أن تتعمّق في الجوانب الفنية للتقنيات المرتبطة بالعملات المشفرة، وتستكشف ما إن كانت هناك فرص أمام المشرعين للتعاون مع صناعة العملات المشفرة من أجل تطوير إطار سياسة قوي.

وقد تشمل مجالات التعاون المحتملة تعزيز معايير الأمن السيبراني في النظام الإيكولوجي للعملات المشفرة -من أجل حماية سلامة المعاملات الرقمية ومنع محاولات الاختراق الخبيثة- والتطرق لمخاطر برامج الفدية المتنامية، وتقليل التأثير البيئي لتعدين ومعاملات العملات المشفرة.

يُذكر أنّ وزارة الخزانة قدّمت العديد من التوصيات في تقريرها، وأهمها التعامل مع مصدري العملات المستقرة وكأنهم بنوك، مما يُخضعهم للإشراف الفيدرالي. ولكن التقرير لم يُوضح موقف العملات المستقرة من القوانين الفيدرالية للسلع والأوراق المالية؛ مما قد يعني أنّ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية ولجنة تداول السلع الآجلة ليستا في أفضل موقع للتعامل مع المخاطر التنظيمية للعملات المستقرة، رغم أنّه بإمكانهما تأدية دورٍ حيوي في ما يتعلّق بالأصول المشفرة الأخرى مثل التوكنات غير القابلة للاستبدال (NFT).

ولم يعد بوسع المشرعين تجاهل الدور التحوّلي المحتمل للعملات المشفرة في مستقبل النظام المالي. ومع تصاعد المنافسة على العملات الرقمية بين الشركات الخاصة والحكومات، فإنّ اللوائح التي نضعها اليوم سترسم الطريق نحو المستقبل المالي العالمي.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.