يخلط الكثيرون بين العملات الرقمية غير المشفرة والعملات الرقمية المشفرة، إذ إن الغالبية من الناس لديهم معلومات خاطئة عن تلك العملات الرقمية بشقيها الاثنين، ولا يفرِّقون بينهما.
هنا، وقبل الخوض في تفاصيل أكثر، سأعطيك تعريفاً مبسطاً عنهما، إذ إن العملات الرقمية غير المشفرة هي عملات تابعة إلى الدولة، أي البنك المركزي، وهي تمثل نظاماً مالياً تابعاً للدولة. أما العملات الرقمية المشفرة فهي عملة اللادولة، وهي تمثل نظاماً خاصاً غير تابع للدولة كالشركات والأفراد.
العملات الرقمية غير المشفرة
العملات الرقمية غير المشفرة (الدولة) هي عملات جاهزة للحصول عليها، وتصدر من قبل البنوك المركزية، وهي شبيهة تماماً بالعملات الورقية؛ إذاً هي عملة (رسمية في الدولة)، وليست مشفرة.
ولحد هذه اللحظة العملات الرقمية غير المشفرة في طور الدراسة لدى البنوك المركزية لأغلب الدول العظمى، وهنا تكون العملات الرقمية غير المشفرة التي ترعاها الحكومات تمثل (الدولة) مثل “اليوان الرقمي” المرتقب إصداره في المستقبل القريب من قبل بنك الشعب الصيني، أما بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي فهو لحد هذه اللحظة في قيد الدراسة لإصدار عملة “الدولار الرقمي”.
العملات الرقمية المشفرة
أمّا العملات الرقمية المشفرة (اللادولة)؛ فهي عملات غير مرتبطة بالبنوك المركزية ونظامها لا مركزي أيضاً، مثل “بيتكوين” و”إيثيريوم” و”سولانا”، وغيرهما من العملات المشفرة، ويتم إنشاؤها من قبل الأفراد أو الشركات، وتستند إلى نظام مشفر ومعقد.
ويكون الحصول عليها من خلال تقنية سلاسل الكتل (بلوكتشين-blockchain) وعبر عملية التعدين Mining. وعند استخراج وحدة البيتكوين، سوف تحتاج لحل مسائل خوارزمية معقدة، ولحلِّ هذه المسائل يجب أن تتوفر لديك أجهزة كمبيوتر متخصصة بالتعدين، ذات قدرات خارقة، كما تحتاج طاقة كهربائية كبيرة.
يذكر أن إنشاء أول عملة رقمية مشفرة تم في عام 2009، وهي البيتكوين btc.
كيف يتم التداول؟
يتم تداول العملات الرقمية المشفرة إلكترونياً عبر منصات عديدة، ومن أشهرها منصة Binance ومنصة Houbi ومنصة Bitterx.
فقد بلغ عدد العملات الرقمية المشفرة المتداولة في العالم حوالي 13 ألف عملة رقمية مشفرة لحد لحظة كتابة هذه المقالة، مثل بيتكوين وإيثيريوم ودوجكوين وغيرها. وبلغت القيمة السوقية الإجمالية لهذه العملات الرقمية المشفرة حوالي 2.7 تريليون دولار، حسب مصدر coinmarketcap، ويومياً يتم إنشاء حوالي 40 عملة رقمية مشفرة عبر تقنية “بلوكتشين”.
ما هي العوامل المشتركة؟
هناك عوامل مشتركة بين العملات الرقمية غير المشفرة والعملات الرقمية المشفرة وهي تسهيل عملية التحويلات المالية والقضاء على البيروقراطية في النظام المالي والحد من التزوير أيضاً، وتقليل التكاليف والرسوم.
الصراع على النظام المالي
لهذا سنشهد في المستقبل القريب صراعاً على النظام المالي، وتحاول العملات الرقمية المشفرة بسط النفوذ في النظام المالي، مما يشكل تهديداً مباشراً للبنوك المركزية، وبالفعل بدأت الدول العظمى تتدارك مع مرور الوقت خطورة العملات الرقمية المشفرة على نظامها المالي، إذ يوجد تخوف كبير من قبل حكومات الدول المتقدمة على نظامها المالي بسبب العملات الرقمية المشفرة؛ لأنها ستقلب النظام المالي على عقبيه.
الصراع الحقيقي يحتدم عندما تبدأ البنوك المركزية بإطلاق عملاتها الرقمية، وأقصد هنا تحديداً الصين ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
ويحتدم الصراع بين العملات الرقمية غير المشفرة والعملات الرقمية المشفرة في الحصول على النصيب الأكبر في النظام المالي في المستقبل القريب. ولا أعتقد في هذه المعركة أن يكون أحد منهم منتصراً من هذين القطبين، وكون البنوك المركزية حول العالم تحاول بشتى الطرق تحجيم النفوذ في النظام المالي العالمي للعملات الرقمية المشفرة، في حين أصبحت العملات الرقمية المشفرة واقع حال فرض نفسه على النظام المالي العالمي بشكل عنيف، وتبلور تحديداً منذ بدء جائحة فيروس كورونا، التي اعتبرت أداة للتحوط مقابل التضخم التي وصلت إلى مستويات قياسية.
ولذلك من الصعب باستطاعة ومقدرة دول العالم مجتمعةٍ، إنهاء زمن العملات الرقمية المشفرة، لأن عملة اللادولة تتمدد يوماً بعد يوم. وبالمقابل الحكومات التي تعاني من عقوبات اقتصادية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تدعم العملات الرقمية المشفرة من أجل التهرب من العقوبات الأمريكية.
المواجهة بين الدولة واللادولة!
من ضمن الأسباب التي دعت البنوك المركزية لإنشاء العملات الرقمية غير المشفرة من أجل مواجهة العملات الرقمية المشفرة والدفاع على نظامها المالي، كون هناك إقبال كبير من الناس على العملات الرقمية المشفرة منذ بدء جائحة كورونا، وأيضاً من أجل مواكبة العولمة الاقتصادية.
لذلك شاهدنا مؤخراً هجمات عنيفة على العملات الرقمية المشفرة قادتها الصين وحتى الولايات المتحدة ودول عديدة، بحجة التعدين واستهلاك الكهرباء وغسيل الأموال… إلخ. لكن الموضوع أعمق من ذلك، وهو تحجيم وتكبد قوة وقيمة العملات الرقمية المشفرة، وهنا يتضح لنا وجود صراع بين الدولة واللادولة على النظام المالي العالمي بدأت تتسع ساحات المعركة المالية له”.
وعلى سياق ذلك، فقد انخفضت قيمة العملات الرقمية المشفرة بنسبة كبيرة قبل عدة أشهر بعد الحملة الكبيرة التي قادتها الصين ضد العملات الرقمية المشفرة حتى وصلت قيمة عملة بيتكوين إلى مستويات دون 30 ألف دولار.
ولكن هذا لايعني أن (الدولة) حققت انتصاراً على (اللادولة)، لأن العملات الرقمية المشفرة بدأت مؤخراً تسجل قفزات جنونية وقفزت قيمتها السوقية مجدداً حتى تجاوزت عتبة 2.7 تريليون دولار، وكذلك عملة البيتكوين تجاوزت قيمتها عتبة 67 ألف دولار بعد إطلاق صناديق EFT للعقود الآجلة لعملة البيتكوين.
ولحد هذه لحظة البيتكوين صامدة فوق مستويات 60 ألف دولار، مما جعل العملات المشفرة واقع حال لا أحد يستطيع تجاهله، التي تعطي إشارة أن العالم سيتجه إلى اللامركزية في المستقبل القريب.
مواكبة العولمة الاقتصادية
مما ذكر، فإن الدول العظمى كأمريكا والصين والاتحاد الأوروبي، بدأت تتسابق على إعلان عملاتها الرقمية غير المشفرة، من أجل مواكبة العولمة الاقتصادية لأن العالم تحت ظل وباء كوفيد-19، أصبح يتقبل العولمة والتكنولوجيا أكثر بكثير من السابق لأسباب عديدة، والعملات الرقمية غير المشفرة هي نفس نظام العملات الورقية لكن بنفس الوقت توجد عدة ميزات كالعملات الرقمية المشفرة.
ختاماً، في المستقبل هناك جملة من التساؤلات وهي من سيقود النظام المالي: الدولة أم اللادولة؟ المركزية أم اللامركزية؟ ولكل منهما ميزاتها وسلبياتها، الوقت فقط سيكون كفيلاً مع مَن ستميل الكفة في المستقبل. وهل سيكون هناك منتصر أم ستكون معركة عبثية؟
نستطيع القول إنها حرب عالمية مالية وكذلك ثورة اقتصادية مبطنة ضد سلطة الحكومات من النواحي المالية والاقتصادية.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.